كتب / إبراهيم غي ابن المرحوم الحاج مصطفى!
الشيخ محمد مصطفى غي،بن شيخ ألفا كُدِ غي والسيدة فام سين صو، ولد 1937م في “تيارين” وهي قرية ذات صبغة دينية علمية اشتهرت بتعليم القرٱن الكريم والتربية الاسلامية، تقع في فوتا قرب مدينة ماتم شمال السنغال .
هو من ذرية ٱباء وجدود كانوا قادة وملوكا في غابر الأزمان ; إذ كان جده الرابع مالك كمب سيسي أخا لأم لإمبراطور جلوف: غرين كمب سيسي جدا لملك: ألبور انجاي.
ولما أصبحت الإمبراطورية مستعمرة فرنسية، صادف في نفس الوقت انتقال أجداد الشيخ الحاج مصطفى غي إلى فوتا فمكثوا في قرية تيارين واستقروا فيها، حيث ولد هذا العالم الفقيه وصرح ذلك بأبياته المشهورة:
إن قبيلتي قبيلة وُلُف ¥¥¥¥ والأصل في المسكن إقليم جلف
سكنها الأجداد مدة الزمن¥¥¥¥¥¥ وعدد منهم هنالك دفن
دُندوج قريتي وتلك الأصل ¥¥¥ ¥¥وهي عريقة فطاب الأهل
لكن جدي عل٘يا قد انتقل ¥¥ منها لفوت عندها لم يرتحل
حتى أتاه الأجل المحتوم ¥¥¥ ¥¥¥¥¥يرحمه إلهنا الرحيم.
◆تكوينه العلمي:
تعلم القرآن الكريم وعلوم التوحيد والفقه على يد الكريم خاله محمد جتر الشيخ المربي، فارتحل إلى منطقة سالوم للتبرع في اللغة العربية، ودرس النحو والصرف واللغة . ثم واصل دراساته عند شيخ أبي بكر نياس، فتعلم عنده فنون البلاغة .ثم تمادى في مواصلة دراساته إلى مدينة كولخ مقر شيخ الإسلام ومرشد الأنام الشيخ الحاج إبراهيم بن عبد الله نياس (رحمه الله ) وحيد دهره في تعليم القرآن كالتفسير وغيره,و تعليم اللغة العربية والآداب، فتعلم الشيخ الحاج مصطفى غي هذه العلوم وأتقنها من حضرة هذا الشيخ المربي للأجيال .
ولحرص الشيخ الحاج مصطفى غي على ازدياد المعرفة والعلوم العصرية،اشتاقت نفسه العالية السفر إلى المملكة المغربية,فالتحق بجامعة قرويين بمدينة فاس حيث مكث مدة أربع سنوات(4) وتخرج منها مكرما بشهاداتها العالمية.وكان الشيخ معروفا فيها جدا لكونه المندوب السامي للطلاب السنغاليين خلال هذه الفترة.
◆عودته وانجازاته:
وفي عام 1966م عاد إلى بلاده السنغال وانخرط فور وصوله في سلك التعليم الرسمي أستاذ للغة العربية، مع كونه في نفس الوقت أمينا عاما لاتحاد المعلمين والطلبة باللغة العربية في السنغال.
في عام 1971م تخلى عن التدريس والتحق بهيئة المحررين للجريدة الوطنية الناطقة بالعربية <المسيرة > التي تنشرها شهريا وزارة الإعلام والسياحة.ومنذ ذلك الحين تولى الشيخ الحاج مصطفى غي البرنامج الديني في الإذاعة الوطنية, يقدم فيها حصصا خاصة في مختلف الميادين الاجتماعية.
وكان يبذل كل مجهوداته في هذا المجال خالصة لله ,يستند في خدمته لهذا الدين الحنيف بالقرآن الكريم والسنة الصحيحة.
ولهذه البرنامج ردود إيجابية في جميع أنحاء البلاد، فزادته شهرة كبيرة داخل السنغال وخارجها من البلدان المجاورة.
و لمواقفه الشهيرة في إدلاء ٱرائه ونصائحه الدينية ومشاركته في كثير من المؤسسات الدينية في البلاد، انتخبه الوزير الأول السيد عبد جوف كمستشار خاص في الشؤون الإسلامية، وكان معه في هذا المنصب حتى أصبح هذا الأخير رئيسا للبلاد.
◆انجازاته :
ومن إنجازاته تأسيس مدرسة عربية فرنسية (تفسير واك بجان) حيث تخرج هناك نخبة كثيرة من المثقّفين المعاصرين.
وظائفه:
منها أنّه
كان إماما في جامع تياروي احدى ضواحي دكار العاصمة، ورئيس الوعاظ للشؤون الدينية في الإذاعة والتلفزيون السنغالية(RTS).
كما شغل منصب قاضي في المحكمة الجهوية بكين غيجواي، ورئيس الجمعية الوطنية للأئمة والعلماء في السنغال، ومستشارا خاصا لرؤساء الجمهورية السنغالية : السيد ليوبول سيدار سيغور، السيد عبد جوف، السيد عبد الله واد.
وعمل مفوضا عاما لبعثة الحج السنغالية عدة سنوات.
وكان يقيم حلقات دينية لتقديم المحاضرات في جميع القارات، فضلا عن مداومته لتفسير القرٱن في شهر رمضان المبارك.
كان الشيخ رحمه الله سخيا في إعطاء العلوم، كانت نصائحه في الأمور العويصة والمشاكل المتراكمة مبذولة لجميع الواردين إليه في مختلف المجالات الدينية والسياسية والاجتماعية وغيرها.
ولهذا وغيره نرى أن الشيخ لا يهتم لنفسه منفعا ولا راحة تجاه قضايا الإسلام والمسلمين ,إلا باشرها وحاول إيجاد الحلول المرضية لها.
◆ صفاته وأخلاقه:
كان عالما زاهدا متواضعا، قدوة صادقا، مثالا كبيرا في صلة الرحم ،حصيف الرأي وحازم الأمر ,ذا بصيرة وحكمة حنكة معتاما و معتما, منتقًى ومنقًى,جسيما وقسيما,كريما و وسيما,مطبوعا على الخير والبر, مجبولا على تجنب السوء والشرّ ,صاحب ˝والله أعلم˝ و صفات وأخلاق فاضلة قائلا: <كان الشيخ الحاج مصطفى غي صادق الإرادة ,محبا لله ,رءوفا بالناس رحيما,ذا قيادة رشيدة,سمحا,سهلا, ليّنا ,واسع الصدر صاحب فكاهة رزينة ,شاعرا بالسليقة ملفقا> .
ووصل إنتاجه العلمي الذي أثرى به علوم الفقه والشريعة أكثر من خمس وثلاثين مصنفا ، سنثبت في نهاية المقال قائمة بها، إضافة إلى المؤتمرات التي رحل إليها وشارك فيها.
◆مؤلفاته:
ألف الشيخ الحاج مصطفى غي عددا كبيرا من الكتب والرسائل،
وقد ألف في ميدان واسع من المواضيع تشمل الفقه والسيرة والاجتماع والسياسة والتصوف والأدب والتاريخ وغيرها.ومن هذه المصنفات:
*كتاب نهج القويم في الفقه الإسلامي السليم.
*زبدة الألبان في الفقه والتوحيد للشبان .
*غزوات الرسول.
*الحل الكافي في الجواب ألشاقي.
*التصوف في الإسلام.
*تذكرة العقلاء في حياة الأنبياء.
*التضامن في الإسلام.
*الإسلام والسياسة.
*الإسلام دين السلام.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الشيخ مصطفى لا يترك ملتقى ثقافيا أو ندوة علمية أو مؤتمرا إسلاميا دُعي إليه، إلا وشارك فيه وأبدى رأيه في المواضيع التي يناقشها، لعل ذلك يعود بفائدة ولو ضئيلة لشبابنا المتعطش للعلم والباحث عن التوجيه والإصلاح. وقد التقى الشيخ بعلماء وشيوخ كثر في هذا العصر وشارك معهم في مناسبات عدة.
يكفيك أن تلقي نظرة على السيرة الذاتية للمرحوم الشيخ مصطفى غي ولائحة إنجازاته الطويلة في المجالين الوظيفي والبحثي لتقتنع بأنك أمام قامة علمية وشخصية إدارية فذة، له باع طويل في العلم الشرعي واستنباط الأحكام ويعرف جيداً متطلبات التحديث في الخطاب الإسلامي.
باختصار، الشيخ الحاج مصطفى غي كما يسميه البعض عالم ومفتي ومفكر إسلامي من الوزن الثقيل وداعية منحه الله فكراً نيّراً مستنيراً وفؤاداً محبّاً للخير وما فيه صلاح الأمة الإسلامية والبشرية جمعاء، رحم الله الحاج مصطفى غي وغفر له.
#دكارنيوز