بدأ التصويت في فرنسا اليوم الأحد في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة التي تمثل فيها مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن تهديدًا غير متوقع لآمال الرئيس إيمانويل ماكرون في الفوز بولاية جديدة.
وقبل أسابيع فقط، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى فوز سهل لماكرون المؤيد للاتحاد الأوروبي، الذي تعزز موقفه بفضل دبلوماسيته النشطة بشأن أوكرانيا والتعافي الاقتصادي القوي بالإضافة إلى ضعف المعارضة المتشرذمة.
لكن شعبية الرئيس الذي ينتمي لتيار الوسط تراجعت لعدة أسباب منها دخوله المتأخر إلى الحملة الانتخابية، إذ لم يعقد سوى تجمع انتخابي واحد كبير، وهو الأمر الذي اعتبره حتى أنصاره مخيبًا للآمال، وتركيزه على خطة لا تحظى بالشعبية لرفع سن التقاعد، إلى جانب الارتفاع الحاد في التضخم.
في المقابل قامت لوبن، المنتمية لليمين المتطرف والمتشككة في الاتحاد الأوروبي والمناهضة للهجرة، بجولة في فرنسا والابتسامة تعلو وجهها وسط هتافات من أنصارها “سننتصر.. سننتصر”.
وقد تعزز موقفها من خلال التركيز المستمر منذ شهور على تكاليف المعيشة والتراجع الكبير في الدعم لمنافسها في اليمين المتطرف إيريك زيمور.
بيد أن استطلاعات الرأي ما زالت تشير إلى أن ماكرون سيتصدر الجولة الأولى ويحقق الفوز في جولة الإعادة أمام لوبن في 24 أبريل/ نيسان، لكن عدة استطلاعات تقول الآن إن هذا يقع ضمن هامش الخطأ.
منافسة شرسة بين ماكرون ولوبن
وبدأ التصويت في الساعة الثامنة صباحًا (06:00 بتوقيت غرينتش) وينتهي في الساعة 18:00 بتوقيت غرينتش، إذ سيتم حينها نشر أول استطلاعات لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع. وعادة ما تكون هذه الاستطلاعات موثوقة للغاية في فرنسا.
ودعي نحو 48,7 مليون فرنسي إلى مراكز الاقتراع لاختيار واحد من 12 مرشحًا في الدورة الأولى في نهاية حملة غريبة طغى عليها وباء كوفيد-19 أولًا ثم الحرب في أوكرانيا التي هيمنت على جزء من النقاشات.
وقالت لوبن في تجمع حاشد يوم الخميس: “نحن مستعدون والفرنسيون معنا” وسط هتافات من أنصارها، ودعت إلى التصويت لها من أجل إنزال “العقاب العادل الذي يستحقه أولئك الذين حكمونا على نحو سيئ”.
وأمضى ماكرون البالغ من العمر 44 عامًا والذي يتولى السلطة منذ عام 2017 الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية في محاولة توضيح أن برنامج لوبن لم يتغير على الرغم من الجهود المبذولة لتلطيف صورتها وصورة حزبها التجمع الوطني.
وقال لصحيفة لو باريزيان: “مواقفها الأساسية لم تتغير، فهي تنتهج برنامجًا عنصريًا يهدف إلى تقسيم المجتمع وهو قاس للغاية”.
وترفض لوبان مزاعم العنصرية وتقول إن سياساتها ستفيد كل الفرنسيين بغض النظر عن أصولهم.
سيخوضان جولة إعادة، فإن الرئيس الفرنسي يواجه مشكلة، فقد أبلغ العديد من الناخبين اليساريين منظمي استطلاعات الرأي بأنهم لن يصوتوا لصالح ماكرون في جولة الإعادة لمجرد إبعاد لوبن عن السلطة وذلك خلافًا لما حدث في عام 2017.
وسيتعين على ماكرون إقناعهم بتغيير موقفهم والتصويت له في الجولة الثانية.
وستظهر انتخابات الأحد من الذي سيحصل على أصوات العدد الكبير غير المعتاد من الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم، وما إذا كانت لوبان (53 عامًا) تستطيع تجاوز توقعات استطلاعات الرأي وتحتل الصدارة في الجولة الأولى.
وفي هذا الإطار، قال جان دانيال ليفي من مؤسسة هاريس “إنتراكتيف” لاستطلاعات الرأي عن محاولة لوبان الثالثة للوصول إلى قصر الإليزيه: “مارين لوبن لم تكن قريبة من الفوز بانتخابات رئاسية بمثل هذا القدر من قبل”.
ويأمل أنصار المرشح اليساري المتشدد جان-لوك ميلينشون الذي يحتل المركز الثالث وفقًا لاستطلاعات الرأي في حدوث مفاجأة مختلفة، ودعوا الناخبين اليساريين من جميع الأطياف إلى التحول إلى مرشحهم لينال فرصة التأهل إلى جولة الإعادة.
ويتفق ماكرون ولوبان على أن النتيجة مفتوحة على كل الاحتمالات.
وقالت لوبن لأنصارها يوم الخميس: “كل شيء ممكن”، في حين حذر ماكرون أتباعه من التهوين من احتمالات فوز لوبن.
في غضون ذلك، يخيم شبح الامتناع عن التصويت على هذه الانتخابات. ويخشى العديد من خبراء السياسة احتمال تجاوز الرقم القياسي الذي سجل في 21 أبريل/ نيسان 2002 (28,4%) وهو الأعلى في دورة أولى من الانتخابات الرئاسية وأكبر بكثير من النسبة التي سجلت في 2017 (22,2%).
موقع “العربي” .