وصل الرئيس ماكي صال من الطغيان والغطرسة السياسية الى درجة أن قال للشعب السنغالي بأسلوب غير مباشر أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار ؟ ويبدو أنّه يفتقد كثيرا إلى مستشارين سياسيين يتّسمون بالخبرة والمصداقية، واللعبة الجيوسياسية، وفهم سيكولوجية الجماهير ؛ ولعلّ سبب ذالك راجع إلى كونه معجب بنظرية ماكيافلي ( الأنانيّة السياسية) يبعد أو يقلّل مِن شأن كلّ من لا ينفعه (انتخابيّا جماهريّا )ولو كان عقلية سياسية محضة كما فعل مع آمادو باه وميمي توري.
السيّد صال لم يفهم ولم يقرأ الرسالة التّي أرسلها له الشعب السنغالي عبر صندوق بريد (مارس 2021 ) جيّدا. لأنّه منذ ذالك الحين لم يتحرّك دينامكيّا؛ لمغازلة هذا الشعب المليء بالغضب، والمعاناة تجاهه . ولهذا ترجموا هذا الغضب الداخلي وهذه الثورة المنفجرة (لاشعوريّا) إلى أصوات في العالم الواقع ؛ في هذه الانتخابات البلديّة ليؤدّبوه سياسيّا، وليتركوا له رسالة قويّة مفادها (قوّة الشعب أقوى من كلّ القوى التي تثق بها ) فكان عليه الاستماع إلى (الرأي العام) أكثر ممّا يركّز الى الدّولة العميقة والمافيا التي تراعي مصالحها فقط.
السيّد سونكو استطاع احتواء مجهودات الجماهير الغاضبة من النظام الحاكم منذ زمن بعيد لإدارتها بعقلانيّة سياسية؛ كما استخدم غضبهم ليعارض به هذ النّظام الفاسد الذي حطّم الانسان السنغالي ، وكان له حضورا باهرا في (الاعلام)ليفضح الحكومة أمام (الرأي العام) ولتعزيز قوّته المستمدّة من الشعب، كما نال ثقة الشعب بوضع خارطة سياسيّة واضحة، وعرض حلول اقتصاديّة رائعة، ونجح إلى حدّ بعيد في نشر (الوعي الفكري) في الساحة السياسية، لاعادة تشغيل نمط التفكير عند المواطن الذي لطالما خدعه السّياسي بشراء الذمم واستخدامه ككلب الصّيد .ولأجل هذا كلّ الذين كانوا معه في التخالف (Yéwwi Askan wi )أدركوا أنّهم حتما سيفرزون الأصوات في الانتخابات البلدية ، مثلا (جاز الابن) كان يردّد النصر دوما في خطاباته، وجلساته في القنوات السنغالية
فيجب على السيد سونكو ادارة هذه الديناميكية بحنكة تامة وباستراتيجية سياسية؛ ليكون الحصاد أكثر في مستقبله السياسيّة.كما أوصيه بتوخي الحذر في زيغنشور الحساسة التي صارت له
المخضرم السياسي ( خليفة صال) كثير منّا نسوا، أو تناسوا هذه (القامة السياسية الضخمة) ولعلّ ذالك يرجع الى كونه لم يترشّح لأية بلديّة ؛ لكن أنا أعتبره المهندس الأكبر والعقل المدبّر لهذا التّحالف Yéwwi askan wi فهو أكثر خبرة سياسية من سونكو وحتّى من السيّد صال ، تربّى في أحضان عباقرة السياسية (Parti Socialiste) ونال هناك الكثير من التجربة والنّضج مع الوعي الجيوسياسي، فالسيّد ماكي صال يخاف من حنكته السياسية كما يخاف من قوّة سونكو الجماهيريّة ؛ ولهذا كان يغازله ويعمل لأجل ابعاده عن سونكو كثيرا ؛ فزيارته لخليفة عقب وفاة والدته لم تكن مجرّد زيارة .بل عمل دوما للتقارب معه كما فعل مع ادريس سيك ؛ لكن خليفة كما قلت لكم ثعلب سياسي يعلم تماما أنّ مصلحته في التخالف مع سونكو لأجل مستقبله ولإعادة وجوده السياسي
السيّد إدريس سيك انتحر سياسيّا منذ زمن بعيد، كما حطّم السيد صال اعتباره ومستقبله السياسي بجذبه إلى (BBY) فالسيّد سيك لم يفهم، أنّ الشعب أفاق الى حدّ بعيد من سباته العميق ومن نوم الغفلة الفكرية ؛ يعني فهموا السياسية والساسة السنغاليين بفضل خطابات سونكو الاصلاحية وبفضل صراعهم مع الألم والفقر والحرمان ؛ واكتشفوا ألاعيبه وخبثه السياسي ولهذا ضُرب ضربا مبرّحا في عقر داره ، أوصيه بأن يعتزل عن السياسية والتوبة؛ كما اعتزل أبو نواس ( الخمريّات) وشرع في كتابه شعر التّوبة .