كتب / الباحث المؤرخ الحاج مور انياغ الجلوفي
إن العظماءَ لا يموتونَ! فهذه سنة الله على أرضهِ {وأما ما ينفعُ الناس فيمكث
في الأرض}.
المرء بعد الموت أحدوثة
يفنى و تبقى منه آثاره
فأحسن الحالات حال امرئ
تطيب بعد الموت أخبــاره
والرجال العظماء هم أولئك العباقرة الذينَ يتقمصونَ سر القيادةِ والإبداعِ بعدَ أن لقوا من سفر المجاهدَةِ هذه نصبًا! فيقول الرب سبحانه وتعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ } وإن من هؤلاء العظماء الذين ورثوا الأنبياء في الإرشاد والتعليم العالم العلامة، والمرشد الفهامة، العيلمُ النحرير السيد الحاج مالك سي رضي الله تعالى عنهُ. (١٨٥٣م-١٩٢٢م) فقد ظهر هذا العابد الزاهد في أرضِ “والُو” قرب منطقة داغانا أرض الأئمة والمناضلين الذينَ جاهدوا بالسيف والقلم، وفي هذه الأرض مر سلطان السلاطين في إفريقيا الغربية الحاج عمر الفوتي تال رضي الله عنه، (١٧٩٤م-١٨٦٤م) فبشَّر سكان المنطقة وبالأخص العالم الجليل الفاهم “يُرُ وِلِ” شقيق والدة السيد الحاج مالك “سُخنَ فا وَاد وِلِ” بظهور “مَودُ” وأبوه السيد عثمان _ ذلك الشاب الطموح في حب العلم والعلماء _ لم يمر بعدُ بقرية “غايَه” التي رأى فيها السيد الحاج مالك سي النور عام ١٨٥٣م، فعاشَ الَمالك محمودا وماتَ محمدا بعدَ أن جاهدَ مع الوثنيينَ “تِيدُو” والمستعمرينَ بالحكمة والموعظة الحسنة، فلا تشبه إذا _ يا سيدي _ أسلوبه الفريد بأسلوب ذاك السيد الهندي العظيم “ماهاتما” لأن الشيخ تبنى المنهج السلمي أو اللاعنفي و”غاندي” يومئذ في ارض الكرماء ومنبع الحضارات الانسانية إفريقيا التي قال الرسول مصطفى عليه السلام في حق أحد ملوكهم “إنه لا يظلم عنده أحد” لأجل هذا دخل الاسلام في افريقيا بسلام ثم قام رجال الله بنشر دين الله في كل منطقةٍ، ومن هؤلاء العلماء من سلكوا طريق الشيخ أحمد التجاني وَرضوا بمنهجه في التربية والارشاد فأصبحوا يعرفون بالتجانيينَ نسبة إلى لقب الشيخ أحمد الشريف الفاطمي رضي الله عنهُ. وقد دخلتِ التجانية في المنطقةِ على يد الشيخ محمد الحافظ الشنقيطي وأخذ عنه الكثير، وعن عبد الكريم الناقل أخذ الفوتي أولا قبل أن يلتقي بمحمد الغالي صاحب التجاني وأخذ عنهُ. وهذه هي سلسلة الشيخ الحاج مالك الذي ذكرها في قولهِ:
سلسلتي “مَيُرُ” المحمود شيمته
عن شيخنا عمر المعروف بالكرم
عن سيدي الغال عن ختم النظام
أبي العباس سيد كل الاوليا العلم
لا شك من يلتجي للقطب ملجئنا
يوم القيامة لم يوصف من الندم
إلا إذا خانه يوما ببيعته
فإنه في هلاك غير منحسم
فأعطى الاذن لنجله الشيخ أبوبكر سي الخليفة وعنه أخذ المكتوم ثمَّ ورثهم الحفيد مجدد رسالة جده السيد الحاج مالك سي وهو الهمام والمرشد العام الشيخ محمد المصطفى سي المكتوم حفظه الله ورعاهُ.
والمدرسة المالكية لها فروع كثيرا بيد أني سأكتفي بذكر هذه السلسلةِ الذهبية وذلكَ لتجسيد الذكرى المئوية التي تقوم بها دائرة المسترشدين والمسترشدات وعنونوها بِ “المصاد السماوي: معيار الوارثينَ” وعبر عنه القائد نجل المصطفى بِ “Checkpointe Celeste: Le critaire des heritiers”
وهذه هي السلسلة الذهبية التي سنقفُ اليومَ عن مجهودات رجالهِ وخلفائه في تطوير المدرسةِ المالكية التواوونية.
والمدرسة التي نقصدها هنَا ليست منحصرة بأربعة جدران وإنما هي فلسفة حياة وأسلوب تعامل لنشر الايدولوجيات الدينة أو الاجتماعية مثل مدرسة الفلاسفة والفقهاء التي لا تقيدها الزمان ولا المكان. فهذه المدرسة يؤمن بها أناس لبناء سعادتهم الدنيوية والأخروية؛ فالمدرسة اذا يمكن ولادتها في منطقة ما ولكنها لا تمكث فيها أبدا فتنتقل وتنتشر بجهود العلماء والمجتهدينَ الذينَ تبنوا أفكار هذا الشخص المعلم وقاموا بنشرها في كل الأقطار. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو من هوَ الحاج مالك سي الذي أسس هذه المدرسة التواوونية؟
١) السيد الحاج مالك سي:
فهذه الشخصية العظيمة والعالم الصنديد السيد الحاج مالك سي رضي الله تعالى عنه بنى مدرسته على البر والتقوى، ولم يكن يؤمن بالكراماتِ وخرع العاداتِ وإنما اكتفى على التربية بالهمة والحال التي هي التمسك بالكتابِ والسنة. “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين” فيقول التجاني المكتوم في حق خذا الطود الشامخ:
أرى مالكا في سلطة من جلاله
ومن عجزه حتى استقرت بحاله
ولكنه يستعمل العقل دونه
وهل عرف الأوقام ما في جماله
ولاياته تبقى مع الدعر بكرة
تصان له الأسرار بعدَ ارتحَالهِ
فربى الأتباع والأحباب في “انجَارندِ” ثم انتقل إلى “تواوون” وأنشأ قرية “جَكْسَاوْ” بعدَ أن دعا الإخوةَ إلى عام ١٩٠٢م إلى إحياء ليلة المولد النبوي الشريف في تواوون، وذلك للاجتماع مع المقدمين “السفراء” الذين انتشروا في كل بقاع الأرض. فوضع شروطا لحماية هذه الدعوة النبيلة:
ألا عظموا ليل الولادة حسبة
إذا لم يكن نحو الحرام عدول
وكل ذلكَ محاولة لربط الأحبة بتعاليم خير الحلق، وهو الحبيب مصطفى عليه السلام. فانتقل الشيخ إلى رحمة ربه بعدَ أن جاهد في الله حق جهاده.
٢) الخليفة أبوبكر سي:
وقد رأى الخليفة نور الحياةِ في منطقةِ “اندر” عاصمة المرابطينَ في القرن الحادي عشر الميلادي، ثم أصبحَ بعدَ ذلك عاصمة للثقافة العربية والغربية بعد مرورِ الأروبيينَ فيها. فنشأ الشيخ الخليفة بينَ العباقرة والعظماء مما جعلهُ واحدا من أبرز الدعاة في عصره. تعلم على يد والده السيد الحاج مالك وعلى أحباب والده فشهدوا له نبوغه وفهمه العجيب لأمور الشريعة والحقيقة وهو لم يصل بعد إلى سن الثلاثينَ. يقول في حقه الشيخ عبد العزيز سي الدباغ:
بحر الشريعة والحقيقة فلكها
وبعد وفاةِ مؤسس المدرسة التواوونية خلفه الشيخ أبوبكر سي، وجلسَ على كرسي التدريس في تواوون وعمره يومئذ ٣٧ سنة، وقبل ذلك كانَ الشيخ الخليفة موظفا في مركز البريد ومترجما أيضا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قولهِ:
“سَبَبْلُ لِين تِبُلينْ سُكَاندِكُو يَانْغُيَ”
وهذه هي فلسفة العمل في الطريقة التجانية (راجع الموضوع فضلا في كتاب الإسلام في السنغال للشيخ أحمد التجاني سي المكتوم) تجمع بينَ الدَّلينِ في هذه البسيطة؛ درهم للمعاش، ودرجة للميعاد! ولا يخفى على أحد قيامُ الخليفة لإصلاح ذات البينِ، خذ مثلا حادثة المسجد في مدينة “يامبل” حيث توفي فيها شخص، فانتقل اليها الخليفة وألف بين قلوبَ السكان بغضون ساعات فقط. وزد على ذلكَ أيضا مواقفه السياسية وتلك الرسائل التي كان يوجهها إلى الأحباب والأتباع إذا حدثَ أمر جلل! مكث الشيخ على كرسي الخلافةِ ما يقارب ٣٥ عاما فمن خلال هذه السنوات ربى وأرشدَ حتى شهد له العلماء والحكما في البلد أحقية لاسم الخليفة.
توفي الشيخ الخليفة بتاريخ ٢٥ في شهر مارس عام ١٩٥٧م في مدينة تواوون. ومما يشهد عبقريته ومكانته العلمية قول الشيخ أحمد التجاني في حقه:
شيء عجيب فهمه وذكاؤه
ألكل فهم مثل ما لعجيبِهِ
وكونه زمرا في العلم والخلق يشهده بيت المكتوم الذي أورده بعدَ أن مدحَ جده مرشد الأجيال السيد الحاج مالك وذكر صفاته وأخلاقه النبيلة وكذلك استراتيجيته في التعامل مع المخالف فقال:
وها هو جدي قام بالحق بعده
أبي وأبي أولى بكل خصاله.
٣) وقبلَ وفاةِ الخليفة أعطى نجله الشيخ أحمد التجاتي سي المكتوم سر الخلافةِ التجانية، وذلكَ بعدَ أن ناداهُ أمام الملأ وألبسه بردته وقال لهُ: “هذه ما أعطانيها جدك فقد أعطيتكَها!” ولد الخليفة الشيخ أحمد التجاني المكتوم بتاريخ ٢٩ ديسمبر ١٩٢٥م بينَ أبوين كريمينِ طويل الأصلينِ أيضًا. فتعلم على يد علماء عصره مثل الشيخ الحكيم السيد علي غي ذاكَ العالم العلامة والشيخ شيبة فال وغيرهما.
نشأ الشيخ في بيئة علمية ثقافية ما جعله يتقن جميع العلوم الذي كانَ يفتخر به أبناء الرجال “دُومِ سخْنَيِ” وكذلكَ الأروبيون البيض “تُبَابْ يُ نِيُول” ولهذا قال:
أفنيت أسباب الحياة دراسةً
وبلوتُ كلَّ وسَائل العرفانِ
وكون التجاني عبقريا دفعه الى مجالسةِ جميع شرائح المجتمعِ، يحادثهم ويرشدهم بأخلاقه وأفعالهِ، جالسَ كبار الساسة في عصره وقد خالفه الحظ بأن يكون من ضمن الرجال الذين جالسوا الرئيس ديغول عام ١٩٥٨م لأجل استقلال بلدنا العزيز السنغال، وقبل ذلك كان يجوبُ القرى والفيافي للتوعية والإرشادِ، فقد استرشد بهديهِ آلاف من المثقفينَ العرب وغيرهم (راجع فضلا: أعلام الهدى في غرب أفريقيا للاستاذ محمد جوف البرني) والإسلام ذاك الدين الحنيف يرفض التواكلَ؛ ولكن القوم في هذا البلد يظنون بأنه لا يمكن لأحد أن يكون شيخا إلا إذا وضعَ رأسه على أريكةِ التواكل ينتظر هدايا “البَلْلَخمَانيينَ” والساسةِ والمصارعينَ. ولعدم إيمانه بتلك التقاليد البالية هذه تشمر الشيخ مبكرا ودخل البلاد لكسب حوت عيالهِ فكان تاجرا كبيرا ومما يشهد ذلك أنه رضي الاه عنه بفضل الله وبركة هذه التجارةِ استشرى مصنع الاسمنت بدكار “Socosime” ولكن الحكومات في قارتنا فمن معتقدات زعمائها أن المسلم المؤمن حرام أن يتلألأ نجمه في سماء البلد، فقاموا بعرقلة مشروعاته حتى اختفى عن أعين الناس ومحبيهِ بعد سنوات قضاها في التوعية والإرشاد ومساعدة المسلمين اجتماعيا واقتصاديا.
فقد تركَ المكتوم للأمة الإسلامية ميراثا قيما، بعد أن ناضل وقاومَ لأجل المسلمينَ ولأجل اللون الأسودِ! ومحاضرته التي عنونها ب(الإسلاموالمزنجة) “L’islame et la negritude ” لدليل حي على ذلك! فقد عاش محمودا وماتَ محمدا رحمة الله عليهِ في يوم ١٥ من شهر مارس عام ٢٠١٧ في مدينة دكار ونقل جثمانه الشريف الى مدينة تواوون عاصمة التجانية المالكية في السنغال.
فإن كانَ مام مَودُ هوَ من قام بزرع بذور السنة في ديار السنغال، ثم أحياها من بعد خليفته أبوبكر سي؛ فإن الشيخ أحمد التجاني هوَ من جدد تعاليمَ الرسول عليه الصلاة والسلام حيث جمع بين الأصالة والمعاصرةِ، وطبق تعاليم هذا الدين الحنيف سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ودعا الزعماء إلى سلوك هذا الطريق قبل أن يسبق السيف العزل فقال رحمة الله عليه:
قوموا أئمة ديننا واستيقظوا
ودعوا التكاثر والتنازع والمرا
فلطالما أهملتم لرقودكم
شيئا يطالبكم به رب الورى
٤) المرشد الشيخ محمد مصطفى سي:
فلا كفارة على من قال بأن المرشد المكتوم هذا سر أبيه وأبي أبيهِ فيهِ! فقديما قال العرب بالبيان يتضح المقال، فسأحاول شرح هذه المسيرة الحافلة بالانجازات التي قام بها الشيخ محمد مصطفى سي حفظه الله ورعاه.
ولد هذا القمقامُ الصنديد يوم ١٠ من شهر يونيو عام ١٩٥٢م في العاصمة التجانية _ يومئذ _ مدينة تواوون. فالمفسر الكبير والعالم النحرير الشيخ أحمد ديم السكوتي هو جده من جهةِ والدته السيدة صفية، وأما من جهة والده فجده الخليفة كانَ يهمس في أذنه وهو صغير السن هذه الكلمات: “Xasiir Kañ nga may demal tool” فتعلم الشيخ مصطفى جميع الفنون المشهورة في عصره قبل أن يقوم بتعليم نفسه اللغة الفرنسية ويعني هذا بلغة مولير “Autodidact” وهذا هوَ علو الهمة التي كنا ندرسه في كتب القومِ؛ لأن الشيخ محمد عرف شعبه قبل أن يقومَ بتنفيذ مشروعه التجديدي والدعوي.
فقد دخل التاريخ ببابه الكبير، فقامَ جنب الشعب السنغالي الأبي خلال الفترة العويصة التي مرت بها السنغال في تسعيناتِ القرن العشرينَ، قاومَ وناضلَ مثل أسلافهِ، وجاهدَ في الله حق جهادهِ فسجن لأجل ذلكَ وعرقلت مسيرة حركته الدعوية “دائرة المسترشدين والمسترشدات” ولكن القرآن يقول: “ويأبى الله الا أن يتم نوره ولو كرهَ الكافرينَ” وقبل اعتقالهِ من قبل حكومة الرئيس عبدو جو، كانَ يقوم بإلقاء المحاضرات في كل الأماكن وذلك لأجل التوعية والإرشاد. ولقد جسَّد هذه المجهودات الجبارة بعد أن قام بإنشاء جامعة رمضان _ وقديما أنشأ جده الحاج مالك جامعة شعبية في تواوون _ تلك المنصة العلمية والثقافية التي مرت بها جل علماء السنغال وعباقرتهَا. يمر بها الفلاسفة أمثال البروفسور سليمان بشير جانج، والصحفيين الكبار أمثال السيد “شيخ يِرم سيك” والفقهاء البارعون أمثال الدكتور “سام بصو” عبد الرحمن، والمصلحون الاجتماعيون أمثال السيد سيدي لمين نياس، والكتَّاب العباقرة أمثال المفتش شيخ تجان غاي وكذلك القساوسة أمثال السيد “أبِ جاك سيك” زد المفكرة السنغالية “إِلينْ تِمْ” والوزيرة حمزة صو سديبِي” وغير هؤلاء من العظماء الذي تركوا بصماتهم في تاريخ جامعة رمضان المباركة، وقد صدق الفقيه الشيخ هادي نياس عندما استضافته المنصة وقالَ:
وجامعة في شهر جمع ينيرها
هدى مالك لا تشترى بالدراهمِ
وأما محاضراته رحمة الله عليه فحدث ولا حرج! ومن أبرز محاضراته ما قام بها في موريتانيا الشقيقة عام ٢٠١٧ لتوطيد العلاقات بين البلدين. وفي المجال السياسي فقد أنشأَ حزبا سياسيا “PUR” عام ١٩٩٨م لمعارضة سياسةِ الحكومات الجائرة وتلكَ ديدنُ آبائه فقد قال والده:
يا سادة الإسلام يا نجم الورى
ما أكرم الإسلام إن لم تشترى
طغت الحكومة والحكومة إن طغت
يوما تقابل بالفوائد كما جرى
مست بكل كرامة أعداؤها
وبمسها تمشي الحكومة قهقرَا
فالساحة الدعوية والسياسية عرفته حق المعرفةِ، فهو بلا شك ولا ريب لم يعرف تاريخ البلد مثله منذ عام ١٩٩٠م. وهو أيضا رائد رائد المدرسة المالكية التواوونية الحديثة فقد علَّم وربى وأرشدَ أقواما كثيرا ر بدونَ أن يراهم! وذلك بواسطة المحاضرات والنشاطات الثقافية التي تقوم بها حركة المسترشدين داخل السنغال وخارجها. وهذه الدائرة تعد من أكبر الحركات الإسلامية في السنغال، وهذه المدرسة تتبع في تربيتها وارشاداتها منهج السلف الصالح الصوفيينَ رحمة الله عليهم أجمعين ، ومما جعل الشعب السنغالي يهتمون بنشاطاتم التربية والثقافية جمعهم بينَ الأصالة والمعاصرة بلا افراط ولا تفريط!
فالمدرسة المالكية التواوونية قد تطور تطورا ملموسا في جوانب عدة، ولم يبق إلا أن يخلد علماء هذه المدرسة التجانية تعاليم أجدادهم وذلكَ بترجمة سيرة أبرز رجالها، وطباعةِ مؤلفاتِ علمائها طباعة عصرية وترجمتها إلى أشهر لغات العالمِ كي يستفيد المسلمون والانسانية جميعا من تعاليم وأفكار هؤلاء العباقرةِ.
وأخيرا فعلى القصاصينَ “غَمْمُ كتيِ” الاهتمام بنشر أفكار مؤسس المدرسة وعدم الاكتفاء بقراءة القصائد والأمداح فقط والمبالغة في السرد أيضا كي يفرغُوا جيوبَ الأمهات والآباء الذين يسقطونَ نورا كلما قامَ قصاص الجيبِ بإعرابِ الجملةِ الفعليةِ؛ لأن العصر كما يصفه المكتوم “عصر نضال في مخاطرة، نضال فكر إذا ما غالبوا غلبَا!