مقال : الأزمة الأخلاقية في المجتمع السنغالي.

2
1529

الأزمة الأخلاقية في المجتمع السنغالي

إعداد الطالب/ بابا عرفان آدم سار
الأربعاء 10 محرم 1443ه‍ / 18 أغسطس 2021م
قسم الحضارة الإسلامية بجامعة الزيتونة – تونس

 يلاحَظ أن الإنسان في العصر الحالي مبتلاة بعلل أخلاقية خطيرة تهدد وجوده في الحياة، وذلك على الرغم مما تَحَقَّقَ من تقدم في حقل العلوم والفلسفة والتكنولوجيا، فالأزمة سواء أكان في المدرسة أو في المجتمع أزمة أخلاقية، والتخلف في البلاد النامية ليس تخلفا علميا أو تكنولوجيا بقدر ما هو أخلاقي.

وإن المتأمل لواقع المجتمع السنغالي يرصد بوضوح مدى التغير الحاصل في المعايير الأخلاقية، ويجد أنه أكثر عنفا، يعاني من علل أخلاقية خطيرة: أخوة يتشاجرون مع بعضهم، وأخ يقتل أخاه، أو ولد يقتل أمه أو أباه من أجل حفنة نقود قليلة، كما يرصد كثرة الفوضى في المجتمع، وكثرة اللامبالاة بالقانون، وكثرة التساهل.
وإذا أردنا تنمية الإنسان وجعله منتجا حضاريا، فإنه تجب تنمية الجانب الأخلاقي فيه أولا، وخاصة الانحرافات التي تعاني منها البشرية الآن في كل مكان، وإن الأزمة الأخلاقية المتعلقة بالشخصية السنغالية في المجتمع وفي عديد المجتمعات المسلمة هي أن أكثرها تدين بالإسلام وتعتقد به اعتقادا شعوريا وعاطفيا، ولكن واقعها على جميع المستويات سياسةً واقتصادًا وعمرانا واجتماعيا بعيدٌ عن المُثل الإسلامية العليا والقيم الأخلاقية الفاضلة، الأمر الذي يفرض على المؤسسات التربوية أن تقوم بدورها في تربية النشء على الالتزام بالأخلاق الإسلامية التي تمنعه من الانحلال الخلقي.
وهذا الانحراف السلوكي موضوع يستمد مشروعيته من راهنيّته، ومن مبرر أساسٍ يعود إلى إرادة منا في تثبيت دور المؤسسة الإعلامية وتعاظم مكانتها على حساب هدم أسس الهوية الوطنية ونشر قيم التحديث الغربي وأفكاره المعادية للخصوصية من خلال استفزاز القيم المحلية التقليدية، والحط من قدراتها وخلخلتها سعيا نخو التسويق لثقافة غربية استهلاكية مغايرة بلا جذور.

 * الأزمة الأخلاقية في المجتمع السنغالي (التجليات):
تعتبر غلبة القيم المادية على علاقات الأفراد، وشيوع السلوك السلبي، والعزلة الاجتماعية، وحلول الفرد محل الجماعة من مظاهر هذه الأزمة الأخلاقية، وتشكّل ثلاثية: " انحراف القيم الخلقية، وأزمة إهدار الوقت، والأزمة الفكرية الثقافية " أهم مظاهرها؛ إذ أصبحت القيم الخلقية بمثابة المرض الذي ينخر جسد المجتمع، حيث استبدل الكذب والغش والاحتيال مثلا بالصدق بين أفراد المجتمع، وانعدام الصدق يسبب حدوث أزمات حياتية أخرى، كانعدام الثقة داخل المجتمع، وأزمة الأمانة التي تعد قيمة سلوكية موازية للصدق... ، وللأسرة في ذلك مسؤولية كبيرة باعتبارها المؤسسة الطبيعية الأولى والمرجعية الأخلاقية التي يتلقی فيها الطفل مفردات ثقافته وهويته، وهي المعنية بتدريبه على مهارات تفكيره وتلقنيه القيم الدينية والأخلاقية التي تعتنقها. 
والملفت للانتباه؛ أن هذا الدور التكويني للأسرة قد أصبح موضع شك في الآونة الأخيرة؛ نتيجة التفكك الذي أصاب بنيتها والاضمحلال التدريجي في سلطاتها بحكم هيمنة عوامل خارجية أقوى وأهمها المؤسسات الإعلامية والتكنولوجية التي قلّصت من السلطة الأبوية، ولوّثت القيم المحيطة ببيئة الطفل، وشوّهت وعيه وهويته، فكم منا مَن افتقده أهله وهو معهم في البيت مشتغلا بشاشته؟ وكم منا مَن اشتغل بالتواصل الاجتماعي ونسي التوصل الأسري؟ وكم منا مَن فقد قيمة المشاعر والأحاسيس وأصبح يعبّرها بالإعجاب (لايك) أو أوجه ضاحكة أو صور حزينة...؟! إلى أي حدّ ذهبت العقول وشردت الأذهان هكذا؟ وكيف أشغلتنا التكنولوجيا عن حياتنا الشخصية فضلا عن حياتنا الدينية؟ تخيّل أننا نقوم، ونسهر، وننام، ونصحو، والهواتف بين أيدينا! ومع ذلك لا نستطيع قراءة عشر آيات قرآنية يوميا، ولكننا نستطيع قراءة محادثات أو منشورات تصل إلى مائة محادثة أو منشورة في اليوم أو يزيد على شاشة الجوال بحجة أن ليس لنا وقت كاف لقراءة القرآن! بإمكانك أيضا أن تلاحظ تعبيرات البعض عند إقبال عيد الأضحى عن عجزهم عن شراء الأضاحي بحجة علاء الأسعار، بينما يقدرون في الوقت نفسه شراء هواتف ذكية بأغلى ثمن منها بأضعاف وسيؤكد لك ذلك رجال " آيْفُونْ " وبَنَاتُه. 
وبإمكانك أيضا أنْ تلاحظ أنَّ الحصول على الصور والمقاطع المحرمة كانت أمر صعبا نوعا ما قبل سنوات يسيرة، أما الآن ومع التطور التكنولوجي وفي الخلوات مع الهواتف نشاهد ذلك بضغطة أو لمسة خفيفة على شاشة الجوال دون فك برامج الحجب والكثير منا يغره صمت أعضاء عن مشاهدته لذلك وينسى أو يتناسى اليوم الذي ستتكلم فيها الأعضاء (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس: 65]، فهواتف الآن إما حسنات جارية أو سيئات جارية ولعل ذلك (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ۚ ) [المائدة: 94]، وهل يُطلق على ما سبق غير انحراف القيم الخلقية؟
 وأما عن أزمة إهدار الوقت فحدّث ولا حرج، إنها لا تتوقف على المسؤوليات الرسمية أو الفردية المقررة في مواعيدها، بل تمتد إلى العلاقات بين الأفراد، وإهداره رسميا كان أو فرديا خسارةٌ جسمية في كل المجالات الحياتية والإنسانية والربانية على حد سواء، تعوق المجتمع عن القيام بواجباته المقررة . ومثال ذلك تأخير الصلوات عن أوقاتها والعكوف على مواقع التواصل الاجتماعي وكأنها هي الحياة؛ بل تجد مَن يضطر إلى النوم في ساعة متأخرة جدا من الليل ينتظر رسالة من حبيبة وإعجاب أو تعليق من هناك، ولا يُستبعَد أن يكون الواتساب والتيك توك أحد مصادر هذه الأزمة.
 وأما في الجانب الفكري الثقافي فتبرز الأزمة في مظاهر كثيرة نذكر منها على سبيل المثال: عدم فعالية المثقفين في تغيير المجتمع نحو الأفضل رغم كثرتهم، وكثرة مؤسسات التعليم العامة والجامعات. أضف إلى ذلك أن أغلب هذه الفئة المثقفة ينبهرون بثقافة الغرب ولغته وحضارته إلى درجة استلاب الإرادة والشخصية الثقافية للأمة.
وملحوظ أيضا أن مؤسسات الفكر الإسلامي التقليدية جامدة إلى حد ما عن مواكبة العصر والتطور بالسرعة المناسبة والاتجاه الصحيح لتلبية متطلبات العصر دون فقدان عنصر الأصالة .

 * الأزمة الأخلاقية في المجتمع السنغالي (الأسباب):
وتعود جذور هذه الأزمة الأخلاقية إلى أسباب عديدة ولعل من أبرزها ما يلي:
1) القصور في التربية الأسرية التي تبدو في التساهل أو اللامبالاة أو الانشغال عن تربية الأبناء، خاصة في المراحل العمرية المبكرة؛ ومتوقَع في هذا التقصير من التربية تمظهر أزمة سوء الأدب من الأطفال على كبار السن، يقابله سوء معاملة الكبار وقسوتهم، وقد آلت ذلك إلى ظهور جيل فاقد المشاعر وضعيف المسؤولية وقليل التمسك بأصول التعامل الأخلاقي ومبادئه، وما ذلك إلا نتيجة حتمية لما يغرسه المربون في الأبناء .
وكذلك القصور الواضح في الدور التربوي للمدرسة التي هي الامتداد الوظيفي للأسرة في غرس القيم الخلقية في نفوس النشء. وتراجع المؤسسة المدرسية في التكوينية والتوعوية غالبا ما يعكس سلبا كالانحراف السلوكي في صفوف الطلبة، وليس ببعيد عنا ظاهرة دوس طلاب المدرسة السنغالية على مختلف المراحل أقمصتهم المدرسية وتمزيق كراساتهم احتفاء بنهاية العام الدراسي الحالي وكذا كثرة الاعتداءات الملحوظة على المعلمين من قبل الطلبة.
2) وسائل الإعلام كإحدى العوامل المؤدية إلى إضعاف السياق الثقافي والقيمي، حيث يعمل الإعلام بوسائله المختلفة على نقل تيارات وأفكار وصور من الداخل قد لا تتلاءم مع نظائرها المحلية، ومن ثم يوجد تناقض أو عدم تكامل في لغة الثقافة والقيم. ومعنى ذلك في التحليل النهائي قولبة القيم وسلوكيات مواطني المجتمع، ولا تصبح المؤسسة الإعلامية في هذا السياق آلية تجذير قيم وسلوكيات هذه الثقافة الجديدة بقدر ما تكون ساحة المعارك الثقافية التي تتصل بها، فهي تقريبا المحرك لكافة الأفكار والقيم والسلوكيات والمعارف؛ بل والإبداعات التي تكرَّس ضمن برامج التنشئة الاجتماعية، وإعادة تشكيل الهويات من خلال سيادة هوية ثقافية وحيدة ومتفردة هي الهوية الغربية وثقافتها.

وعليه؛ فإن ظاهرة الانحلال الخلقي كانت من كبرى الظواهر التي شدت انتباه الشيوخ السنغاليين إليها قديما وحديثا مثل الشيخ أحمد بمبا (1853م/1927م) والشيخ أحمد التجاني سه (1925م/2017م)، تتمثل في هذه الانحرافات السلوكية التي توغلت في المجتمع السنغالي جراء تيارات الثقافة الغربية المشار إليها آنفا كشيوع أنواع القمار والميسر وانتشار التدخين وتعاطي الكحول والمخدرات والدعارة التي ترخّصها الحكومة وظاهرتي الغش والرشوة، خصوصا تعاظم نفوذ المثليين الجنسيين وما تعهدها في هذه الأيام قنواتُنا التلفزيونية واليوتيوبية من بث مسلسلات لا تتلاءم مع تقاليد المجتمع وخصوصيته ومنها قناة (even prod) التي تبث مسلسل (infidèle) الذي لا أستبعد أن يكون امتدادا لبعض القنوات التي تجرّأت ووصل به الأمر إلى تنزيل إعلانات جنسية وإباحية تمثلها فئة لا يصل عمرها إلى الثلاثين حبا للظهور والشهرة والعياذ بالله!…، وغيرها مما طرأت على تقاليد المجتمع.
إنهم شباب وقعت على قلوبهم غشاوة من الغزو الثقافي الغربي والغيرة العادية التي ملأت القلوب بغضا وحسدا وأوجبت السعي في محظورات الشريعة شرقا وغربا ، ومن هنا اتخذ اتجاه هؤلاء الشيوخ طابعا إصلاحيا قيميا أخلاقيا إنسانيا ليوصوا على الإخلاص والإنصاف والأدب ومكارم الأخلاق التي قد ينعكس غيابها فوضًى عارمة وتذليلَ الحياة وتبديلَ الإصلاح بالإتلاف، وهذا ما يشيرون إليه لِيَصُولَوا على شباب المجتمع في لهجتهم بإنكار هذه الظواهر.
3) إبعاد الأخلاق والسلوك عن الدين، حيث أصبحت الأخلاق تقوم على المكاسب المادية وتبادل المنافع، وليس على الحب والوفاء والتناغم الخلقي والروحي.
4) سوء الأحوال المعيشية كالفقر والجهل والبطالة، وسوء النظام الإداري كالإحباط، وهذا لا يشكل الوسط الصالح للاستقامة الخلقية ولا لوضوح المثل العليا في أذهان الناس.
5) العيش بدون أهداف سامية، ودون شعور بالمسؤولية، ولا بالمثل والأخلاق الإسلامية؛ إذ أصبحت الأهداف فقط رفع المستوى المعيشي والتقدم الاقتصادي، إضافة إلى الاستهلاك الترفي، وحب الاكتناز، وشراء العقارات والقصور والسيارات الفاخرة، وكذلك ضعف الإحساس بالواجب تجاه الغير والانطواء على الذات أو الأسرة.
6) وجود أزمة ثقة بين الأفراد، والدولة تبدو في مظاهر الإحباط اليومي لدى أبناء المجتمع الذي يجعلهم منفلتين من المعايير والقيم الاجتماعية فيغلب عليهم الاعتقاد بفلسفة التحايل على البقاء من خلال شيوع أنماط سلوكية غريبة على القيم التقليدية كالكذب . ونستحضر في هذا السياق تدبير الساسة الذي بات واضحا للجميع: سياسة الزبف والأقنعة، وهي سياسة وما أقبحها من سياسة! أحوالهم كعصى سحرية يذهل الناس مرآها، وعليه لم تعد لكلماتهم أي اعتبار؛ إذ أصبحت الآن لا تقارن إلا بمواعيد عرقوب وأساطير الأولين، والسياسة على حد تعبير الشيخ أحمد التجاني سه ليست تملقا أو تصنعا كما أطلقها الناس اليوم، وإنما أخلاق قبل كل شيء؛ (( وأن تلبس ثوب الوقار ليذود عنك السفلة ))

 * الأزمة الأخلاقية في المجتمع السنغالي (الحلول):
إن أزمة الانحراف السلوكي في المجتمع السنغالي يمكن التغلب عليها بوسائل شتى يصعب حصرها، ولعل من أهم الحلول التي تساهم في ذلك ما يلي:
1) التربية الدينية التي تغرز القيم الخلقية في علاقة الفرد بالناس، وذلك قد لا تكون ذلك إلا بتكامل عوامل مختلفة من أجل تشكيل الهوية وإعادة تشكيلها بدءًا من اللغة والأسرة، مرورا بالمدرسة التي تقوم أساسا على ما بدأته الأسرة وتزيد عليه حجما وعمقا وتفسيرا، وتقرّب الثقافة بين أبناء الطبقات الاجتماعية المختلفة، وانتهاء بالجامعة، والمؤسسات الإعلامية التي لا ننكر دورها في تشكيل وعي الأفراد بشكل واضح، وكان لها الدور الأعظم في تشكيل هوية أجيال متزايدة من المواطنين بشكل غير مسبوق، فهي مصدر هام من مصادر التأثير والتنشئة الاجتماعية.
2) العمل على إعادة دور المدرسة والأسرة كمؤسسات فاعلة في مجال التنشئة الاجتماعية والتربوية، وتأكيد دورهما الإيجابي في خلق القيم الإيجابية الأصيلة، وذلك عبر تدريس مقرر خاص بالقيم والأخلاق في جميع المراحل الدراسية، وعلى جميع الصفوف، ينطلق من الوحي والهوية والتراث.
3) إعادة تنظيم حياتنا الأخلاقية والروحية والعقلية في ضوء المنهج الرباني القويم، ومخالفة العلمانيين الذين يحرصون على تدمير هذا الإطار المرجعي، ونقله إلى العقل والعرف والمصلحة.
4) مراعاة البعد الديني القيمي الأخلاقي فيما تقدمه الصحف والمجلات من أفكار، خاصة ما يوجه للشباب من مسائل تتعلق بالشذوذ والانحراف.
5) وضع حد لما يعرضه التلفاز من أغان هابطة وإعلانات؛ بل مسلسلات درامية مستفزة للدين ولعقول الصغار والكبار معا، ومراعاة الذوق والأخلاق للمشاهدين في مجتمع يؤمن بالدين. ولمنظمة " جمرة الإسلامية " جهود ملحوظة ومنشودة في سعيها إلى الحد من ذلك، في حين لم ينجح المجلس التنظيمي الوطني للإعلام السمعي والبصري (CNRA)  في تأدية دوره كما ينبغي.
6) على الإعلام عرض المثل الأعلى أمام النشء مع إبراز نواحي الامتياز فيه دون مبالغة، وعرض القصص الواقعية، والمشكلات الحية المرتبطة بواقع الحياة حتى يعيشها الشباب وينفعل بها، حيث لا يبقى أمامه إلا التقليد والمحاكاة للنماذج الخيرة التي رآه وشاهده. 
7) على الآباء والأمهات وجميع أفراد المجتمع تطبيق مبادئ الإسلام الأخلاقية وقيمه قولا وعملا، كالابتعاد عن الكذب مثلا، خاصة من هو في مكان القدوة كالأبوين والمعلم والرؤساء حتى يعرف الأبناء والشباب أن ذلك سلوك ذميم وصفة غير أخلاقية.
8) يجب على الدولة العناية بالتربية الخلقية في جميع مؤسساتها، والعناية بذلك عن طريق إلزام كافة المؤسسات بإبراز السلوك والقيم الفاضلة في كل ما يطرح وينشر ويقال.
9) على المؤسسات الدينية القيام بواجبها في نشر الحق والأخلاق والفضيلة، وتوعية أفراد المجتمع بأضرار البعد عن الدين والقيم والأخلاق ونتائجه.
10) إنشاء وزارة الشؤون الدينية، إذ لا يُتصور ولا يُعقل غياب هذه المؤسسة الإدارية في الدولة السنغالية التي تمثل نسبة المسلمين فيها 95% وفقا لإحصائيات ما قبل ميلادي، ومَن يدري؟ لربما ازدادت النسبة في العقود الأخيرة. والمضحك المبكي في الوقت نفسه هو أن المادة (1) من دستورها تنص على أن: (( جمهورية السنغال علمانية وديمقراطية واجتماعية، تضمن المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون دون تفرقة بسبب الأصل أو العرق أو الجنس أو الدين، وتحترم جميع المعتقدات  )) فلك أن تقارن بين المقاربتين.
11) تكوين مجلس قومي من علماء الدين والتربويين وممثلين عن جميع قطاعات المجتمع، لرصد حركات الغزو الفكري، وتقييم الأوضاع الخلقية في المجتمع، والتخطيط لما يجب القيام به صيانة للأخلاق.
12) إصدار نشرات ودراسات وبرامج إذاعية وتلفازية موجهة للآباء والأمهات لتوعيتهم بأفضل سبل التربية الخلقة .

* الخاتمة:

وفي الواقع نستطيع أن نرصد الكثير من الدراسات والأبحاث التي نبهت إلى فشل المؤسسات التربوية في حماية الشباب من كل مظاهر هذا الانحراف، والغريب أن معظم هذه الدراسات ترجع هذا التردي الأخلاقي إلى فشل ما نسميه الآن بالتربية الحديثة، حتى إن بعضهم سماها التربية التافهة وتتفيه الناس، وذلك عندما تهتم التربية بكل ما هو مادي وصناعي وتكنولوجي وتقدمي، وتغفل كل ما هو جوهري وأساسي في الإنسان وتهمله وتهمشه وتقلل من شأنه، وجميع الدراسات أكدت أن مثل هذه التربية لا يمكن إلا أن تنتج مثل هذه الأجيال، أجيال تربت على الإعجاب بالإنجاز التكنولوجي، الإيمان بالتكنولوجيا وبالعلوم الوضعية، الإيمان بقدرة العقل على تدبير الأمور بعيدا عن الله، بل أيضا تقع جميع هذه الدراسات رغم رصانتها ودقتها في خانة عدم الاهتمام الكافي بالدين كأداة فعالة في حل تلك الأزمة الأخلاقية.

المراجع:
1)- القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، دار ابن كثير، ط5، بيروت، 1439هـ/2018م.
2)- حمدان (محمد زياد): أزمة التربية في البلدان النامية واقع: مشكلات، حلول، دار التربية الحديثة عمان، 1992م.
3)- الزامل (محمد عبد الله): الأزمة الأخلاقية في المجتمعات الإسلامية: مظاهرها، أسبابها، علاجها، كلية التربية، جامعة الملك سعود، 1425هـ.
4)- سه (الشيخ أحمد التجاني): الأركان الرواسخ في غرائز أبناء المشايخ، نسخ عليّ صار، د ط، تواوون، صفر 1368هـ.
5)- عثمان (رانيا وصفي): التربية والأزمة الأخلاقية في المجتمع المصري: المظاهر، الأسباب، الحلول، كلية التربية، جامعة دمياط، مايو 2012م.
6)- الغزالي (أبو حامد): إحياء علوم الدين، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بيروت ـ لبنان، 1426هـ/2005م.
7)- محمود (مجدي أحمد): العنف في المدرسة العربية (دراسات حالة)، المكتبة العصرية، المنصورة، 2008م.
8)- النقيب (عبد الرحمن): أزمة التربية الخلقية وحلولها الإسلامية.
9)- النكدلي (صلاح الدين): نظرة في الأزمة الأخلاقية، الدار الإسلامية للإعلام، ط1، نوفمبر 2013م.
10)- (وسطيون): الدستور السنغالي لسنة 2001م، ترجمة د/ شيخ غي، مراجعة: محمد بشير جوب وأحمد أمين عاج، ديسمبر 2017م.

2 Commentaires

  1. مزيدا من التقدم والرقى والازدهار والإنجازات العلمية والعملية إنه سميع قريب مجيب دعوات
    عملكم رائع جدا جدا

  2. من ملاحظاتي أحقق كتابة صاحب السمو بابا عرفان آدم سار في هذه المقالة القيمة الشاملة بأزمة الأخلاقية في المجتمع السنغالي،
    لا يزيد شيئا ولا ينقص لأنها واضحة حالية من العموم ،إذن أدعوا الله أن تمد يد العون والمساعدة في جميع الأماكن لفنون العلم.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici