مقال : المناهج التعليمية في السنغال: مشكلات وحلول .

0
457

بقلم # مام انجاي لوح –باحث بمرحلة الماجستير/ جامعة أم القرى (السعودية) كلية التربية: قسم المناهج وطرق التدريس.Jytrv2017@dakarnews

تعتبر المناهج التربوية والتعليمية الجيدة والسليمة، منطلقا للتقدم، والتطور، والازدهار. وإنها في الحقيقة سر تفاوت الأمم، وتقدم الدول، والحضارات. والمعيار الحقيقي، الذي يرسم مستقبل أي مجتمع ويحدد مصير كل شعب. والمشكلة الأساس التي تعانيها دولة السنغال منذ وقت طويل؛ تكمن في عدم وجود مناهج تعليمية سليمة، تنبثق من فلسفة المجتمع وواقعه، وحاجاته ورغباته. والاعتماد على ثقافات وعادات وأيدولوجيات أجنبية له تأثيرات سلبية في النظام التربوي؛ لأن لكل مجتمع مناهجه الخاصة، وأساليب تفكيره المنفردة، وأنماط حياته المعينة التي يتميز بها، والتجاهل المستمر لتلك الحقائق، هو المصدر الأساس للحالات الاجتماعية السيئة، والاقتصادية المتدهورة التي نعيشها اليوم.، بالرغم من تلك الجهود الجبارة والكبيرة التي مازالت الحكومة تبذلها في تحسينها وتطويرها، إلا أن المشكلات تتراكم، والوعود تتزايد، والحلول شبه مفقودة.

وسأحاول -قدر الإمكان- تحديد واقع مناهج التعليم السنغالية ومشكلاتها، وسبل حلها وتطويرها.

واقع المناهج السنغالية ومشكلاتها:

إن المناهج التعليمية السنغالية، مكثت مدة طويلة في صناعة عقول إنسانية، وإنتاج كواكب وكوادر في مجالات عدة. لكن يبدو أن ثمرات تلك العملية لم تكن كافية، للاستجابة لمتطلبات وحاجات المجتمع السنغالي، وإنتاج أجيال قادرة على مواجهة تحديات العصر في الحاضر والمستقبل. كما يصفه (أحمد العيسى، 2009م) بأنه » عصر العولمة والانفتاح الثقافي والفكري، والتقدم العلمي والتكنولوجي، عصر انهيار الحواجز الجغرافية والسياسية، عصر الذرة والغزو الفضائي، وعلم الجينيات والأسلحة البيولوجية والكيماوية، عصر المنافسة الشرسة على الساحة الدولية، علميا واقتصاديا وسياسيا… ». ولمواءمة نظام التعليم مع هذه المتغيرات، فقد تعرضت هذه المناهج لعدة عمليات مهمة، في فترات مختلفة ومن أبرزها: عام 1971م، وعام 1981م، وآخرها بداية القرن الواحد والعشرين عام2002م. والنتائج والتوصيات المنبثقة عنها لم تقدم أثرا ملموسا إلى الساحة الاجتماعية والميادين التعليمية. واستمر الانحراف الخلقي، والثقافي، والازدواجية في التعليم، وتنافس الايديولوجيات الرهيبة، وتوسع أصحاب النفوذ المختلفة بين أبناء شعب واحد، في بقعة صغيرة، منذ الحصول على الاستقلال سنة 1960م.

والمناهج التعليمية السنغالية قسمان، منها: ما هو رسمي، مثل المدارس الفرنسية البحتة والمدارس العربية الفرنسية والتعليم الفني والتدريب المهني. ومنها ما هو غير رسمي أو خفي كما يسمى، مثل المدارس العربية الأصلية والكتاتيب القرآنية. وتمثل هاتان الكتلتان (المناهج الفرنسية الرسمية والعربية الأصلية الغير الرسمية) تهديدا حقيقيا للكيان المجتمعي، ووحدة الشعب، ولها تأثيرات سلبية في النظام التربوي.

فالمناهج الرسمية تعاني صعوبات عديدة، ومشكلات كثيرة منها:

– انعدام أسس صحية: لا يختلف اثنان في أنها لم تبن على أسس صحيحة، لأنه لم تؤخذ بعين الاعتبار، فلسفة المجتمع السنغالي، وحاجاته، ورغباته، وثقافاته وسيكولوجيته. علما أن 98% من المجتمع السنغالي ينمون للدين. إما من المسلمين الذين تبلغ نسبتهم 95%، أم من الكاثوليك الذين تقل نسبتهم عن 3% أو تزيد. إذا لا نستطيع بناء منهج علماني (LAICITE)، دون اهتمام بهذه الحقائق الواقعية. ومن نتائج تلك الثغرات، انتشار الانحراف الخلقي العجيب، لدى كثير من أفراد المجتمع. والاهتمام بالجانب النفسي، أمر حتمي لبناء منهج صحيح. فالدوافع الإنسانية، لابد من التركيز على عدة أمور منها وهي:

– الدافع الروحي: الدين فقط هو الذي يقيد الفرد في تصرفاته وحركاته وعلاقاته مع نفسه وغيره.

– الدافع الفيسيولوجي: حفظ الذات، كالحاجة إلى الهواء والجنس وغير ذلك.

– الدافع النفسي: يجب مراعاة الجانب النفسي، وهو حب الإنسان الانتماء، والاستطلاع، والتنافس. (سليمان، الهواري، 2007م).

ولذلك، تشكل هذه النقطة أهمية كبيرة في علم النفس التربوي، لتكوين الفرد والمجتمع المثالي. وبناء الاقتصاد فقط لا يكفي للتنمية، وإنما الانسان المتكامل والشامل في النمو، هو الذي يبني الاقتصاد القوي والتنمية السريعة، لا العكس.

– الغموض في أهداف المنهج: من الصعب جدا، تحديد أهداف المناهج الوطنية، وآلياتها لبناء المواطن المطلوب، والنظام التربوي المرغوب فيه، لاختلاف المخرجات التعليمية الحالية مع النتائج المتوقعة من المتعلمين.

تشتق الأهداف الواضحة والمناسبة، انطلاقا من حاجات الفرد وميوله، ومتطلبات المجتمع وثقافاته، وخصائص العصر، للوصول إلى تكوين فرد صالح، عالم، مثالي، ومتوازن، وأسرة صالحة متماسكة ثم مجتمع نشط، مؤدب ومثقف، ومتنافس. لكن الواقع أن الدولة ما حددت أهدافا واضحة وملائمة مع متطلبات الفرد والمجتمع في البداية، للحصول على مستقبل مشرف. ويظهر ذلك تركيز ميول الطلاب نحو التخصصات غير الأولوية، مثل الآداب والسياسة والقانون بصفة أكبر. وفي تقرير (ANSD) م، الهيئة الوطنية للإحصاء والتنمية في أكتوبر سنة 2008م، يذكر أن نسبة المتخصصين في الآداب، والسياسة والقانون بجامعة داكار (UCAD)، تشكل 59,8% نسمة. في حال أن البلاد بحاجة ماسة إلى المهندسين، والاقتصاديين، والأطباء و….

وكذلك حال الكثير من حاملي الشهادة الثانوية العربية الحكومية لعدم وجود جامعات عربية يلتحقون بها، وفي المقابل، تبنى ملاعب صغيرة الحجم بمليارات كثيرة!! ومستقبل الطلاب غير معروف!

– مشكلة المحتوى: يحمل المتعلمون حملا ثقيلا من الكتب والمقررات الدراسية، صباح مساء، دون معرفة كثير عن محتواها وفهم معانيها لكبر حجم المواد وكون اللغة بعيدة عن لغة الأم. ويضطر عدد غير قليل منهم للعزوف من المدارس. ويحاول 80% من المعلمين استعمال اللغة المحلية لتوصيل المعلومات، وتقريب المعاني(ANSD,2008). وفي اختيار المحتوى للمواد التعليمية يحصل نقص كبير. لأنه لم يعتمد على الأهداف الصحيحة، وتجاهل كثيرا من المصادر والأسس التي ينبغي أن ينطلق منها مثل: حاجات وميول الطلاب، ومراعاة واقع وثقافات المجتمع. (اللقاني، 2013م).

هذا النقص الحاد في المحتويات التعليمية، وحرص الشعب على دينهم الإسلامي، والغيرة على عقيدتهم ومبادئهم، هي التي تدفع الكثير من الشعب لاختيار المدارس العربية الأصيلة، والكتاتيب القرآنية لأبنائهم.، رغم المصالح الدنيوية التي سيفقدونها. وانعكس ذلك سلبا على المدارس الفرنسية الرسمية. ومما يثبت ذلك تقرير (USID) الوكالة الأمريكية العالمية للتنمية الدولية حول التربية في السنغال، سنة 2018م في دراسة لها حول تأثير الجانب الاجتماعي والديني من عزوف أولياء الأمور في إرسال الأطفال إلى المدارس الرسمية، ويرى 58،7% من العينة أن الأسباب ترجع إلى ثلاثة أمور:

– عدم مواءمة مخرجات المدرسة مع حاجات المجتمع.

– إن المدرسة تقدم نظريات وثقافات تخالف القيم والعادات المجتمعية.

– ضآلة مستوى الخريجين وكفاءتهم بخلاف ما ينتظر منهم.

في الحقيقة، ذلك هو سبب استقبال المدارس الفرنسية عددا غير مرجو من الدارسين، وربما يكون الدافع الأول لإضافة المدارس العربية الفرنسية مرة ثانية. للتذكير بأن الاحتلال الفرنسي هو أول من قام بهذه الخطوة اليائسة، سنة 1908م، بعد ما ظن أنه لا سبيل له الا الخضوع لرغبة المجتمع.

والمدرسة الفرنسية العربية دخلت حيز التنفيذ منذ 2002م، ضمن السياسات الجديدة حول التعليم. ومما ذكره (أحمد لوح،2009م): يقول « وفي سبيل تنفيذ هذه الخطة نظمت وزارة التربية مؤتمرًا عام ً ا دعت إليه القيادات الدينية ونقابات المستعربين، وممثلي أولياء التلاميذ، لدراسة تعليمات الرئيس، وذلك في الفترة من 16/7-20/7/2002م، وخرج المؤتمرون بتوصيات منها:
1− دمج التربية الدينية في مناهج التعليم العام.

2 − توسيع نطاق التعليم العربي في مراحل التعليم العام.

3 − تحديث المدارس القرآنية.

ولكن دمج التربية الدينية في مناهج التعليم العام ليس قانونيا كما ذكره (أحمد لوح، 2009م)، ويجب الاهتمام بها حتى تكون إجبارية على جميع الطلاب، لأنه السبيل لحل الكثير من المشكلات الاجتماعية، وتحقيق النمو الشامل للفرد. وقد تمت طباعة مناهج هذه المدارس وتناولها في الساحة، لكن الملحوظ أن متعلمي هذه المناهج يتعرضون للخطر. لأن المحتوى المعرفي ثقيل جدا، ولا يستطيعون جمع المحتوي الفرنسي والعربي معا ولكل حجمه، وفي النهاية يركز المتعلم على واحد ويهمل الآخر. وعلى واضعي تلك المناهج إعادة النظر في ذلك. لتحديد أهداف بشكل واضح، ووضع المعايير للتوفيق بين المحتويين، دون أن يطغى جانب على الآخر.

انخفاض عدد الملتحقين بالمدارس: وخصوصا الصغار، وقد ذكرت في مقال سابق بعنوان (ما المستقبل للتعليم العام السنغالي بعد وباء COVIDE19؟)، تقرير المنظمة العالمية للأطفال لسنة 2016م، الذي يقر أن 100 طفل في سن يتراوح بين 3-5، 65% منهم لا يحضرون المدارس. فيما ذكرت (JICA) هيئة اليابان العالمية للتعاون الدولي في تقريره حول التربية 08/2012م، أن نسبة الأمية من البالغين في السنغال تصل إلى 49,7%، وهو ما يتناقض مع الخطة (LPT)، القراءة للجميع، و(PDEF) البرنامج العشري للتربية والتكوين، الذي أطلقته الحكومة السنغالية سنة 1998م، وقد دخل حيز التنفيذ عام 2000م، وينص هذا البرنامج على أن التعليم يجب أن يكون للجميع( www.education.gouv.sn) . ويؤكد أيضا (USID 2016)، أن 37% من الأطفال من سن 6-16 لم يلتحقوا بالمدارس. وبلغ عدد تاركي الدراسة 21،4%. وهذا فشل كبير للنظام التربوي، والعلة لا تخرج من كون المناهج بعيدة عن متطلبات الأفراد والمجتمع كما ذكرته في المحتوى.

غياب بنية تحتية تعليمية: مما يعرقل عملية التعليم عدم وجود بيئة تعليمية سليمة، وتوفر آليات لازمة، ووسائل متطورة للتدريس. وللتأكيد على ذلك، فقد ذكر تقرير المنظمة العالمية للأطفال 2016م، أن 100 طفل من الذين يعيشون في القرى، في سن ما بين 3-5 سنة، 88 منهم لا يجدون مباني مدرسية أي يدرسون تحت مخيمات EDS-C 2015)). وفي تقرير آخر ل (ANSD) الهيئة الوطنية للإحصاء والتنمية لسنة 2016م، يثبت أن 38،5% من المؤسسات التعليمية فقط هي التي تم بناؤها كاملا، و53% منها لا تجد ماء صالحا للشرب، و23% منها فقط تتمتع بالكهرباء، و87,1% من تلك المؤسسات موجودة في داكار (العاصمة). وهذا يتنافى مع معايير الجودة اللازمة في النظام التعليمي العالمي الحديث، والشروط التعلمية والتعليمية الجيدة. وقد أطلقت الحكومة خطة (PAQUEp)، برنامج تحسين الجودة، والقيمة والشفافية 2013م-2025م، في العلوم والتكنولوجيا والابتكار. وذلك يحتاج إلى مزيد من الجهود في توفير المعامل والمختبرات، وتوسيع القاعات الدراسية في القرى النائية. وتقدم الدولة في هذا الجانب النفس والنفيس، لمعالجة هذا النقص، وتنفق أموالا طائلة في الاستثمار. لكن يجب الجدية والمتابعة لها.

التقويم: إن أساليب التقويم التقليدية التي تهتم بالجانب التحصيلي فقط، ما زالت معتمدة في كثير من المدارس، وتهمل أبعاد التقويم للأهداف التعليمية: (البعد المعرفي، والنفسي، والمهاري). ولا بد من أخذها بعين الاعتبار، مراعاة للفروق الفردية، وطبيعة المواد الدراسية الحديثة. وتدريب المعلمين أيضا بها ضروري، لأنها غائب كثير منهم.

خبرات المعلمين: المعلمون جزء من المناهج، يلزم مشاركتهم وإسهاماتهم في بناء المناهج، وليس الدور عندهم يكتفي بتوصيل المعلومات للمتعلمين فحسب. والملحوظ في الميدان، أن كثيرا منهم يهتمون بإملاء المعرفة على عقول المتعلمين طبقا للمنهج القديم، ولا يدركون الأهداف المرجوة من المادة. وبذلك تكون الفائدة قليلة جدا. وفي ظل تجدد الوسائل والتقنيات الحديثة للتعليم، هم بحاجة ماسة إلى التدريبات المستمرة.

الإدارة التعليمية: تضع على عاتقها كثير من المسؤوليات، في تنفيذ سياسات التعليم، ومتابعتها، وتهيئة البيئة للتفاهم والتعاون مع المعلمين. وللأسف توجد أحيانا توترات بين المعلمين ومسؤولياتهم وحتى المفتشين. ويجب الادراك أن عملية التعليم تقوم بالتعاون والتفاهم والاحترام. وعلى الإدارة الاقتراب من المعلمين -قدر الإمكان-لمعرفة معاناتهم، وتقديم توجيهات وإرشادات وخبرات إليهم ، والبعد كل البعد عن أساليب التهديد، والتخويف، فإن ذلك يؤثر سلبا في الأداء والجودة. ويجب أيضا تطوير عملية التفتيش ليتواكب مع المنهج الحديث، والمستحسن – في رأيي-استبداله بالإشراف التربوي، لأنه أعم وأشمل وأنسب مع المنهج الحديث. لأنه حينما يشعر المعلم بالخوف والقلق والتوتر إزاء زيارة مفتش له، وقيامه بالاستعداد الغير المسبق، خوفا أن يحدث له أمر. وإذا تولى المفتش سعى ليستمر في نهج الكسل والإهمال.فإن ذلك مشكلة كبيرة، لأن هذا العمل عمل الاشراف والتعاون وتزويد المعلومات والخبرات. وعلى المعلم الشعور بالمسؤولية العظيمة ومراقبة نفسه فيها. أما المفتش عليه أن يزرع في قلب المعلم الحب، والاطمئنان، والثقة. ليكون المعلم مفتشا لنفسه ومخلصا في عمله. وذلك هو الهدف الأسمى للتعليم.

المناهج غير الرسمية:

وتدخل فيها المدارس العربية والعربية الفرنسية الغير الرسمية، والمدارس القرآنية. وهنا يطرح السؤال التالي: كيف تأخر السنغال في تطوير هذه المدارس وضمها إلى المناهج الرسمية؟ ولماذا؟ علما بأن هذه المدارس تضم عددا متنافسا مع المدارس الفرنسية، وحتى تهدد وجودها. كما أن العربية جزء لا يتجزأ من لغاتنا المحلية وقد أثبتت البحوث العلمية ذلك. وقد ذكر الأستاذ مالك انجاي في بحث له بعنوان (تأثير العربية في السنغال، دت) أن نسبة التعريب أسماء الأشخاص، في السنغال تتزايد بسرعة من 69% الى 77% في عام1966م. ومن جانبه أورد الأستاذ (موسى فال، 2005م) في كتابه (اللغة العربية في نظام التعليم السنغالي)، مقولة الأستاذ عامر صامب، أن عناصر التاريخ الثلاثة تربطنا بالعربية: الإنسان الأرض، والزمن). في الانسان: ممدو: محمد. إبر: إبراهيم، صالح، خد معنى خديجة، تكلم ولا حرج. وفي الأرض: طوبى، منى، مدينة دار المعطي. وفي الزمن: ألارب: الأربعاء. وخت: الوقت، وغيرها. فهل تربطنا الفرنسية بهذا الارتباط؟ أو عندنا ثقافة مشتركة أكثر من هذه؟ لا ولا ذلك. والمدارس العربية في السنغال يصعب عدها وإحصاءها. وقد ذكر (ويال، مصطفى، 2019م) في رسالته الدكتوراه أن عدد المدارس العربية المسجلة في وزارة التربية في سنة 2017-2018م، يبلغ عددها 403 للروضة، وعدد التلاميذ:29406. و847 مدرسة ابتدائية التي يبلغ عددها 163767. و109 إعدادية وثانوية وعدد طلابها 31327. ومجموع الطلاب المسجلين في المدارس العربية كلها: 224500. وما بالك بغير المسجلة.؟ ألا يشكل هذا خطورة على الدولة إن لم تكن تحت نظامها ومناهجها؟ أليس هؤلاء جزءا من المجتمع؟ أليس لهؤلاء الحق في أن يجدوا حاجاتهم ورغباتهم ومتطلباتهم داخل النظام التعليمي السنغالي؟؟

هذا، هو الواقع الحقيقي لمناهجنا التعليمية، ومشكلاتها الكبيرة التي يجب ألا نتأخر في علاجها، وكسر الحواجز بين أبناء الشعب الوحد. ونأخذ بعين الاعتبار حقائق بلدنا وفلسفاتها، وثقافتها، ومتطلباتها وخصائصها عند تطويرها.

سبل حل هذه المشكلات وتطويرها:

تحليل مخرجات مناهج التعليم وتقويمها.

إعادة النظر في المناهج التعليمية في أهدافها، ومصادر اختيارها، وأسسها، ومحتوياتها، وآليات تقويمها عند تطويرها، لتكون موائمة مع حاجات المواطن ومتطلبات المجتمع.

تعزيز القيم والأخلاق وتبني فلسفة المجتمع وثقافاته داخل المناهج التعليمية.

خلق مناخ الثقة والأمانة، للتفاوض والتشاور الحقيقي مع المؤسسات التعليمية العربية الدينية، للوصول إلى وثيقة وقواسم متفقة ومشتركة، لتوحيد المناهج فيما يخدم مصلحة كل مواطن.

تطوير اللغات المحلية واستخدامها في عملية التعليم.

الاستفادة من النماذج المحلية في التربية والتعليم. مثل المريدية فقد أثبتت نموذجا تعليميا اقتصاديا مثاليا مبنيا على مبادئ مهمة منها: مبدأ العلم، العمل والخدمة (دراسات حول المريدية، 2017م). ولهذه المبادئ ثمرات ممتازة، حقيقية، وملموسة. ولا يخفى على أحد ما يقوم به المريدون من إنجازات كبيرة واستثمارات كثيرة، وخير مثال: الجامع الكبير في داكار (مسالك الجنان) والمشروع الجامعي للخليفة العام الشيخ منتقى حفظه الله.

تحقيق المساواة في التعليم والتكافؤ في فرص العمل.

التركيز على مبدأ الجد والاجتهاد أكثر من الموهبة والذكاء.

تعزيز التعاون الدولي لتبادل الخبرات والاستراتيجيات التعليمية، والبحوث العلمية. مثل اليابان وماليزيا وغيرها.

إن الحكومة السنغالية بحرصها الكامل، على تحسين وتطوير المناهج التعليمية لبناء أفراد مثاليين، أصحاب خبرات وكفاءة عالية، ومجتمع متحد متقدم، واقتصاد قوي ومزدهر، واستقرار سياسي واجتماعي مستدام؛ عليها أولا تحقيق المساواة للجميع في الحصول على تعليم جيد وراق يتفق مع فلسفة المجتمع مع محاولة توحيد المناهج. ولحل هذه المشكلات تحتاج إلى رغبة سياسية حقيقية، ومسؤولية قيادية حكيمة، لتطبيق القرارات وتنفيذ المشروعات.