تستعد مدينة طوبى السنغالية، يوم الأربعاء الموافق 18 صفر، لإحياء واحدة من أبرز المناسبات الدينية، وهي ذكرى جلاء الشيخ أحمد بمب رضي الله عنه إلى الغابون، المعروفة شعبيًا بـ”مغال”، والتي تحظى بمكانة روحية سامية لدى أتباع الطريقة المريدية.
وخلال هذه الأيام، اكتست مدينة طوبى بحلتها الفاخرة، وازدانت شوارعها وساحاتها برايات المحبة والتبجيل، في استقبال جموع الزوار التي يُقدّر عددها هذا العام بحوالي خمسة ملايين زائر، يتوافدون من مختلف مناطق السنغال والدول المجاورة، في لوحة إيمانية تُجسد تمسك المريدين بتراث شيخهم ومجد طريقتهم.
ويتميز موسم ”مغال” بتلاوة مكثفة لكتاب الله، وترديد القصائد الشعرية التي نظمها الشيخ أحمد بمب في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي القصائد التي أصبحت جزءًا من الذاكرة الروحية والثقافية للطريقة المريدية، وتُتلى في كل “دايرة” من حلقات الذكر في طوبى.
كما يشهد هذا الموسم حضورًا اقتصاديًا لافتًا، إذ بدأت كبرى الشركات التجارية عرض منتجاتها في المدينة، إلى جانب مساهمتها المادية في دعم تنظيم المغال، ما يعكس البعد التنموي والتكافلي الذي يرافق هذا الحدث الديني الكبير.

الشيخ أحمد بمب (1853 – 1927م) هو مؤسس الطريقة المريدية، وأحد أبرز رموز المقاومة الروحية والثقافية للاحتلال الفرنسي في غرب إفريقيا. تميز بنهجه السلمي، ودعوته إلى العمل، والصبر، والتوكل على الله، رافعًا شعار “العمل عبادة”، ومؤكدًا أن بناء الإنسان هو السبيل الأقوم لبناء الأمة.
وقد كان نفيه إلى الغابون عام 1895 نقطة تحول مفصلية في مسيرته الدعوية، حيث واجه الصعاب بثبات ورباطة جأش، وخلّد تلك التجربة في أدبيات روحية ما زالت تُلهِم الملايين حتى اليوم.
ويواصل الخليفة العام للطريقة المريدية الشيخ محمد المنتقى امباكى حفظه الله مسيرة البناء والتوجيه، ساهرًا على وحدة الصف المريدي، ومتابعًا لأدق تفاصيل التنظيم الروحي والخدمي لمواسم المغال، حيث يشرف بنفسه على مختلف الترتيبات، ويحثُّ على حفظ الأمن والنظافة وتوفير المياه والخدمات الاجتماعية للزوار، في مشهد يجمع بين الروحانية والانضباط.
ويحظى الشيخ محمد المنتقى باحترام واسع في الأوساط الدينية والسياسية والاجتماعية، نظرًا لما يتمتع به من حكمة وتواضع، واستمرار في نهج والده وأجداده في خدمة الإسلام والمسلمين بالمنطقة.
ماغال مباركا لكل المريدين.
تقرير / البراء ولد محمدن.