بقلم الدكتور / باكري سامب
مؤسس ومدير معهد تمبكو لدراسات السلام

تأسست العلاقات السنغالية والكويتية في الستينيات من القرن الماضي، واستندتْ إلى تاريخ عريق من التضامن الاستثنائي، ومع مرور الأزمنة، تعززت بالمشاركة البطولية للجنود السنغاليين في حرب الخليج (1990-1991) لتحرير الكويت، وبالرغبة المشتركة بين البلدين لتعميق التعاون الاقتصادي الطموح من خلال الاستثمارات والتعاون المتبادل.
بقيادة الرئيس بشير جوماي فاي وحضرة الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، يشترك الزعيمان في رغبة مشتركة لتحديث اقتصادهما، حيث تتلاوم رؤية السنغال 2050م مع طموحات الكويت في التنويع الاقتصادي في إطار رؤيتها 2035م. وساهم التزام السنغال خلال حرب الخليج في ترسيخ ثقة متبادلة بين الدولتين، بينما أبدت الكويت تضامنًا فعالًا من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية من خلال تمويل مشاريع رئيسية مثل تحديث مستشفى فان في داكار، وإنفاق 80 مليار فرنك أفريقي في مشاريع البنية التحتية للطرق، ومبادرات في مجال الزراعة وتوفير مياه الشرب، فضلا عن الأعمال الخيرية التي يستفيد مئات من السنغاليين في الفئات الضعيفة والمحرومة، مما يمثل تحولا نوعيا في حياة السكان المذكورين.
يُتيح هذا التاريخ المشترك اليوم فرصةً فريدةً لإنعاش التعاون الاقتصادي، وذلك لأن رؤية السنغال 2050م تجعل البلاد مركزًا إقليميًا، مع التركيز على الزراعة والبنية التحتية والطاقة المتجددة والسياحة. وتجد الكويت، بفضل مواردها المالية من خلال الهيئة العامة للاستثمار الكويتية وهدفها المتمثل في تقليل اعتمادها على النفط، شريكًا استراتيجيًا في السنغال. ويمكن للاستثمارات في المناطق الاقتصادية الخاصة في جامنياجو، والأعمال التجارية الزراعية، والبنية التحتية للموانئ، أن تُسرّع التحول الاقتصادي في السنغال، مع توفير فرصٍ للكويت للتنويع والانفتاح لقطاعات أخرى لتعزيز استثماراتها.
وأما السنغال، بفضل قوتها العاملة الشابة وموقعها في غرب أفريقيا، فتُعدّ بوابةً للتغلغل إلى سوق الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي تضم 400 مليون مستهلك. وهذا التكامل المتجذر في الثقة التاريخية يُرسّخ مكانة البلدين كلاعبين رئيسيين في تعاون جنوب-جنوب نموذجي، حيث إن كلا من البلدين يحتاج إلى الآخر ويجد لديها مئات فرص للتعامل المثمر.
ولتحقيق هذه الإمكانات، يُعدّ توسيع استثمارات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وتنظيم المنتديات الاقتصادية الثنائية، وتعزيز التجارة (المنتجات الزراعية السنغالية، والتقنيات الكويتية) أمرًا بالغ الأهمية. وتُوفر داكار منصةً مثاليةً للترويج لرؤية الكويت 2035م التي تهدف إلى تحويل هذه الإمارة الحديثة إلى مركز مالي ناشئ، مما يُرسخ مكانة الكويت كدولةٍ ستلعب دورًا هامًا في التجارة الجديدة بين أفريقيا والعالم العربي. إن التضامن التاريخي والمساعدات المالية الكويتية يتضف على هذه العلاقة عمقًا فريدًا. وإذا بنى البلدان على هذه الروابط والتزم قادتهما بالمضي قدما نحو آفاق جديدة وأوسع سيُمكن لهما بناء شراكة اقتصادية نموذجية تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية 2050، من أجل ازدهار مشترك بما يتماشى مع روح التضامن التي تُوحد الشعبين.