يقع المركز في قلب مجمع الشيخ الخديم للتربية والتكوين بطوبى، ويطلق عليه بيت القصيدة عن اللغة الولفية (Këru Qaçida Yi) وهو مكتبة شامخة بهندستها المعمارية الفريدة ورمزيتها العميقة، لتكون صرحاً معرفياً وروحياً مكرّساً لحفظ تراث الشيخ أحمد الخديم امباكي مؤسس الطريقة المريدية. هذا الإرث العلمي والرّوحي العظيم الذي امتد ليشمل مؤلفاته ومؤلفات أبنائه وتلاميذه، أصبح اليوم محل اهتمام الدارسين في كبريات الجامعات ومراكز البحوث العالمية.
وهذا المشروع الضخم جاء بمبادرة من الخليفة العام للطريقة المريدية، الشيخ محمد المنتقى البشير امباكي حفظه الله وأيّده ونصره، وتمّ تنفيذه عبر الذّراع الفني للطريقة – دائرة حزب الترقية – في خطوة تعكس رغبة منقطعة النظير في صيانة الذاكرة الروحية والثقافية للمريدية.
•هندسة عصرية وفق معايير عالمية
شُيّدت المكتبة على مساحة تبلغ 2000 متر مربع، وتضم طابقاً تحت الأرض.
وقد رُوعي في تصميمها أدق المعايير الدولية في مجال علم المكتبات وحفظ المخطوطات. ويوضح الشّيخ يوسف جُوبْ، المسؤول المعنوي لدائرة حزب الترقية في حديث مع وكالة الأنباء السنغالية (APS) قائلاً: ”لقد هيأنا كل شيء لاستقبال كتابات الشيخ الخديم، بنظام رفوف يلبي المعايير العالمية في التصنيف والحفظ“ .
وبحسب المهندس المعماري والمشرف على تنفيذ المشروع ٱس مالك كان فإن المكتبة ( Këru Qaçida Yi) ليست مجرد مستودع كتب، بل هو مبنى ذكي مجهز بأحدث الابتكارات. كما أن المبنى يتجلى في عزل الصوت والحرارة، ونظام التكييف المصمم خصيصاً لتناسب مناخ طوبى، بما يضمن بيئة مثالية لحفظ الوثائق“ .
ويوضح المهندس ”كان“ أنه تمّ الحرص أيضاً على التحكم في نسبة الرطوبة الدّاخلية، لحماية المخطوطات من التلف، لأن الرطوبة المفرطة تضر بالورق، لذا صممنا نظاماً يضمن الرطوبة المثالية للوثائق”.
و يضيف السّيد أمَدُو سِيدِي صَمْبُ، عضو الإدارة العامة للدائرة المريدية في السياق ذاته قائلا : ”إنها بنية تحتية متطورة للغاية، مجهزة بجميع الوسائل التكنولوجية لضمان حفظ دائم وفعّال لكتابات الشيخ الخديم، وتشمل المكتبة بأجزة كثيرة كالتكييف، وكميرات المراقبة ، والسمعيات، وجهاز الاتصال بالإنترنت، وكل ذلك تحت إشراف خبراء محليين“ .
•جناح مخصّص للخليفة.
بجانب مهامها البحثية والعلمية، تحتوي المكتبة على متحف مخصص لحفظ التراث التاريخي للطريقة المريدية. وسيضم هذا المتحف صوراً نادرة للشيخ أحمد بامب امباكي (رضي الله عنه) وتم اقتناؤها مؤخراً في فرنسا من قبل مجموعة من المريدين، وسُلّمت بشكل رسمي إلى الخليفة العام.
كما خُصّص جناحٌ فاخر للخليفة العام داخلَ المكتبة ، و يضمُ غرفة نوم، وصالة استقبال، ومرافق للوضوء والاستحمام إلى جانب مسجد صغير، وكل ذلك تعكس رؤية الخليفة.
•إرث خالد للأجيال القادمة
انطلقت أشغال بناء (Këru Qaçida Yi)
في أبريل 2020، واستمرت أكثر من ثلاث سنوات، بتكلفة تقارب 3 مليارات فرنك سِيفا. وفي 19 أغسطس 2023، جرت مراسم تسليم المفاتيح في حفل رسمي حضرته شخصيات بارزة من رجال الدين والسياسيين والسّلك الدبلوماسي المعتمد في السنغال .
وكانت هذه المناسبة فرصة ذهبية لدائرة حزب الترقية حيث قدم الشّيخ يوسف جُوبْ بصفته المسؤول المعنوي لهذه الجماعة المريدية ، حيث قدّم مفتاحاً ذهبياً مرصّعاً بالألماس للخليفة العام، تعبيراً عن استمرارية المشروع الذي بدأه الشيخ المرحوم آتو جانج (1951-2021)، المسؤول المعنوي السّابق عن جماعة حزب الترقية.
إنّها بيت القصيدة (Këru Qaçida Yi) ليست مجرد مكتبة ، بل هي منارة معرفية وروحية، تجسد قدرة المريدية على الجمع بين الإيمان والثقافة والأصالة والحداثة، وتُكرّس لفرض سيادة فكرية أصيلة وعابرة للزمن.
تقرير / وكالة الأنباء السنغالية APS
#دكارنيوز