بقلم / محمد جانج باحث في مرحلة الماجستير في الحضارة العربية الإسلامية في جامعة شيخ أنت جوب
عرف هذا الكوكب علماء عظماء باختراعاتهم وإبداعاتهم، فتركوا بصماتهم في المجالات العلمية المختلفة التي كانت- وما تزال- تدهش العقل البشريّ لما لها من أهمية بالغة في الحياة اليومية للإنسان، بحيث لا يمكن لأحد أن يعيش حياة بكل سهولة وأريحية دون اللجوء إليها أو الاعتماد عليها.
إن هذه الاختراعات ساهمت في خلق بيئة مثالية علمية ساعدت البشرية على الانتقال من مرحلة حياة مبعثرة ومتخلفة إلى مرحلة حيوية جديدة ومتطورة تتسم بالتقدم وتختلف عن غيرها لكونها مرحلة متقدمة ومتمتعة بالتكنولوجيات الحديثة وآليات تساهم بشكل فعال في تحقيق أهداف التنمية البشرية في المجتمع المحلي والإقليمي والعالمي في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المجتمعات البشرية.
وقد يجبرنا هذا الواقع المعيش على استحضار أكبر قدر ممكن من العلماء المخترعين بغية تحديث عقل الجيل الجديد والدعوة إلى إعادة هيكلة المجتمع لتوفير فرص عمل للشباب في مختلف المجالات العلمية والتقنية التي ستكون وسيلة ناجعة في سبيل مساعدتهم على الخوض في عالم التكنولوجيات الحديثة والمتطورات التي يمكن أن تكون مفيدة لهم وللأجيال القادمة.
وأول من سأقدمه لك في هذه الخدمة هو العالم الكبير توماس إديسون.
- توماس إديسون
وهو عالم أمريكي عاش من عام 1847 إلى 1931, وهو الذي قام بتطوير المصباح الكهربائي المتوهج والفونوغراف كما قام بتطوير المحطات الكهربائية. ورغم كل هذه الاختراعات التي اخترعها هذا العالم الأمريكي، كان يعاني من ضعف السمع منذ ريعان شبابه، وحسب بعض المصادر، سجل هذا العالم أكثر من 1000 براءة اختراع، وأنشأ مختبرات للأبحاث كانت نقطة انطلاق ثورة الكهرباء والاتصال. ولن أبالغ إن قلت إنه من أكثر الأشخاص تأثيرا في العصر الصناعي.
وثاني أكبر رموز الاختراعات في تاريخ البشرية نيكولا تيسلا.
- نيكولا تيسلا
وهو عالم صربي عاش ما بين 1856 إلى 1943, وهو مطور التيار المتردد AC، والمحركات الكهربائية، كما قام بابتكار قواعد الاتصالات اللاسلكية. فهذا العالم الصربي الأمريكي، كان عبقريا غريب الأطوار، اشتهر بخياله العلمي البالغ والواسع، ترك بصمة في عالم الاختراعات وأبلى بلاء حسنا في تأسيس بنية الكهرباء الحديثة، ولكن مع الأسف الشديد، انتهت حياته فقيرا رغم أفكاره واختراعاته الثورية.
وثالثهم يوهان غوتنبرغ، العالم الألماني الذي اخترع الطباعة بالضغط المتحرك وبفضل هذه الآلة أحدث نوع الطباعة، و عرف عالم الطباعة والنشر ثورة معرفية هائلة، وهذا ما سهل نشر العلم والثقافة حينها، وكان اختراع يوهان غوتنبرغ لهذه الآلة أثرا كبيرا ومساهمة عظيمة في عصر النهضة.
والعالم الرابع هو ألكسندر غراهام بيل، وفترة حياته تمتد من عام 1847 إلى عام 1922، وهو الخبير الذي اخترع الآلة التي مازالت تؤثر سلبا، اليوم، على مستقبل كثير من الشباب الذين لا يعرفون كيفية التعامل معها لتكون إيجابية في حياتهم، وهذه الآلة هي الهاتف اللعين، وما ساعده على استكشاف هذه الآلة هو أنه كان إسكتُلنديا كنديا مهتما اهتماما شديدا بالبحث عن حلول لمن كان يعاني في أسرته من مشكلات السمع؛ لأن كثيرا منهم كانوا يعانون من الصمم، وهذا ما دفعه وقاده إلى اكتشاف مبادئ نقل الصوت عبر الأسلاك ونجح في ذلك كله، فاستفادت الأسرة من هذا الاختراع العجيب.
وخامس رجال الاختراع والإبداع الأخوان ويلبر و أورفيل، المخترعان الأمريكيان اللذان اخترعا أول طائرة تعمل بمحرك، وذلك عندما كانا يريدان ورشة مخصصة لصناعة الدراجات، فنجحا في تحقيق الرحلة الأولى بواسطة الطائرة متحكم بها، وبفضل هذين الأخوين عرف العالم عصرا متمتعا برحلات جوية طويلة. ولكن حسب بعض الباحثين فإن أول من حاول الطيران علميا هو العالم الأندلسي عباس بن فرناس، الذي كان متعدد المواهب، عمل في الفلك والهندسة والميكانيكا، وعاش من سنة 810- إلى 887م، وتعد محاولته أول محاولة جادة لفهم آليات الطيران.
وسادسهم العالم الإيطالي ليوناردو دافنشي الذي عاش من سنة 1452 إلى سنة 1519, وكان رساما ومخترعا عبقريا، و هو الخبير الذي نجح في وضع تصاميم لآلات طيران، وهو أيضا مخترع الدبابات، كما أبلى بلاء حسنا في صناعة آلات هيدروليكية. كان رجلا ذو كفاءات متميزة ومتعددة، جمع بين الفن والهندسة والفيزياء والطب كما كان متمكنا أمكن في الفن. فإن جل اختراعاته كانت سابقة بكثير على زمانه، فوضع بصمات وانجازات مهمة على مستوى الصناعة والإبداع.
و سابع من الذين تركوا بصماتهم في مجال الاختراع، الخبير الإنجليزي إسحاق نيوتون الذي عاش ما بين 1642 إلى 1727م، ويعتبر من أكبر وأعظم العلماء في تاريخ البشرية، وهو الذي اكتشف قوانين الحركة والجاذبية و هو مخترع أول تلسكوب عاكس، و واضع أسس الفيزياء الكلاسيكية. كان بارع في علم الرياضيات الحديثة حيث أبدع في حساب التفاضل والتكامل.
وثامنهم الخبيرة البولندية الفرنسية ماري كوري التي عاشت ما بين 1863 إلى 1934م، وهي التي قامت باكتشاف الراديوم والبولونيوم كما أسّست علم الإشعاع. وهي المرأة التي فازت في أول مرة في التاريخ بنوبل، وأول من أخذته مرتين، و من الجدير ذكره في هذا الإطار هو أن أبحاثها ساهمت بشكل فعال في تقدّم علم الفيزياء والطب.وهذا تلميح إلى أن حتى النساء لم يتركن الميدان للرجال فقط، بل حاولن العمل بكل كدّ وجد بغية إظهار خبراتهن عبر التاريخ. وعلى النساء أخذ ذلك بعين الاعتبار.
وتاسع أعلام الإبداع في التاريخ ستيف جوبز الأمريكي الذي اخترع أجهزة آيفون ومشتقاتها من آيباد وماك، فساهم في ثورة تكنولوجيا المستهلك. ويعتبر من مؤسسي شركة آبل، واشتهر هذا الخبير بابتكاراته وإبداعاته، ورؤيته في الدمج بين التصميم والتقنية، وأعطى طابعا جديدا للتكنولوجيا الحديثة.
والعالم الأخير الذي سأذكره هنا هو الشيخ أنت جوب السنغالي ليكون مثالا حيا لكل من يقرأ نصي من السنغاليين.ولكن يجب الإشارة إلى أن الشيخ أنت جوب لم يكن مخترع أجهزة، بل كان مبتكرا في المنهج العلمي وقدم إسهامات جديدة، ويمكن ذكرها فيما يأتي:
١- القياسات المخبرية (الميلانين والكربون-14)
٢- الربط اللغوي بين اللغات الإفريقية
٣-إعادة كتابة تاريخ إفريقيا بناء على دلائل علمية.
أخي القارئ، فالذين ذكرتهم في مقالتي من علماء عبارة عن محاولة توعية هذا الجيل وإقناع من يعيشون فيه بأن هذه الاختراعات ساعدت البشرية على التحول من ظرف إلى ظرف أفضل وكل من قاموا بهذه الاختراعات لم يكونوا إلا بشرا باللحم والدم، استخدموا عقولهم التي هي رزق من الله لهم، فاستطاعوا انتهاز الفرصة واخترعوا أشياء كثيرة استفاد منها مَن عاصرهم.
ولكن مع اللأسف الشديد كثير من هؤلاء المبدعين ليسوا أفارقة!
هل نقول – نحن الأفارقة – بأن عصر الاختراع ولّى وأدبر أم نحن الذين لا نجيد الاختراع؟ وهل ذلك ناتج من نظام تعليمي سيء أم من فقدان شباب واعين لظروف الحياة؟
أسئلة قد نتساءل عنها، ولكن أرى نفسيا بأن عصر الاختراع لم ينته ولم يسلب الله قدرتنا في التفكير، يمكن لنا أن نخترع أشياء أكثر أهمية من تلك الإبداعات المذكورة مسبقا وكل من يزعم بأن هذا الرأي مستحيل، فما زال يفكّر بعقليته الإفريقية الجامدة.
والشيء الثاني، فالأفارقة لا يشكّ عاقل في كفاءاتهم في الاختراع، كل ما في الأمر أنهم يعيشون في جو يكون فيه المُغني أكثر قيمة من المعلم وأماكن الترف والبذخ أكثر قيمة من المدارس والجامعات، وكتابة الخطط والبرامج أكثر أهمية من تطبيقها، إضافة على ذلك، فإن المجتمعات تحتاج إلى الكثير والكثير من الجهد لإعادة بناء نفسها؛ لأن الشباب فيها يفضلون المكوث في البيوت مع هواتفهم الذكية من الصباح إلى المساء، مرتكزين على تيكتوك إلى درجة أنهم يظنون أنهم يعيشون في عالم آخر.
وهذه الحالة، إن لم نحاول تغييرها بوضع نظام قانوني جديد يقوم بتحديد الساعات التي يمكن استخدام بعض التطبيقات فيها مثل تيكتوك، مع تخطيط نظام تربويّ وتعليمي متكامل وناجع في تكوين جيل نشط في التكنولوجيات الحديثة.