
الدكتور باكري سامب – رئيس معهد تمبكتو – المركز الأفريقي لدراسات السلام
انطلاقًا من التزامها التاريخي وقيمها العادلة، تُرسّخ السنغال مكانتها كلاعب محوري في الاعتراف التدريجي بدولة فلسطين. والجهود التي بذلها عبر العصور والدهور في إحقاق حقوق الفلسطينيين جديرة بالإشادة والتمويه.
بقيادة الرئيس بشير جوماي فاي ورئيس الوزراء عثمان سونكو، تُؤكد السنغال دعمها الثابت للقضية الفلسطينية، مُعززةً بذلك دورها كدبلوماسية رائدة في أفريقيا وخارجها.
وعلى ذلك، سنحاول – في السطور التالية – تسليط الضوء على أهمية القيادية السنغالية في هذا السياق، من خلال التزامها التاريخي ومواقفها الواضحة وتعاونها مع شركاء رئيسيين مثل المملكة العربية السعودية والمغرب وفرنسا.
لا يخفى على أحد أن للسنغال تاريخا طويلا من التضامن مع فلسطين، وهذا التضامن يتجذر في قيمها الإنسانية وهويتها الإسلامية وأهميتها الاستراتيجية. وأصبحت البلاد في عام 1988, من أوائل الدول التي اعترفت فلسطين كدولة، في أعقاب الإعلان باستقلال الجزائر.
ومنذ عام 1975 يرأس بلادنا لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، ولعبت، بناء على ذلك، دورًا محوريًا في قرارات مثل قرار عام 2016 الذي يدين الاستعمار الإسرائيلي. وهذا الثبات يجعل السنغال رائدة في دعم القضية الفلسطينية، ويبرز قدرتها على حشد مؤيدي القضية في أفريقيا والعالم العربي والإسلامي. وقد برهنت السنغال على دعمها المستمر والفعال للقادة الفلسطينيين من خلال إجراءات ملموسة، لا سيما منذ رئاسة ليوبولد سيدار سنغور. في سبعينيات القرن الماضي، حيث منحت السنغال جواز سفر دبلوماسيًا لياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، لتسهيل سفره الدولي وتعزيز شرعيته على الساحة الدولية. هذه المبادرة الرمزية، المتجذرة في التزام السنغال التاريخي بالقضية الفلسطينية، تُبرز دورها الريادي في الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، والذي تعزز برئاستها للجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف منذ عام 1975.
في عهد الرئيس بشير جوماي فاي، تكثف هذا الالتزام التي توطد وتعزز من خلال المبادرات الدبلوماسية الجريئة. ففي مظاهرة منظمة في داكار في أغسطس 2024 , دعا رئيس الوزراء عثمان سونكو، مرتديًا وشاحًا فلسطينيًا، إلى دعم ثابت لفلسطين، بينما رحّب الرئيس بشير جوماي فاي، بصفته رئيسًا للجنة الأمم المتحدة، بقرار الدول باعترافها كدولة مستقلة، مثل قرار إسبانيا، ودعم المبادرة الفرنسية للاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة في سبتمبر 2025.
تُمثل هذه المواقف الواضحة والصريحة عودةً إلى الدبلوماسية الجريئة، التي تتماشى مع تطلعات الشعب السنغالي والأفريقي نحو العدالة. وعلى الصعيد الدولي، يمكن للقيادة السنغالية أيضًا الاعتماد على شراكاتها الاستراتيجية التقليدية. إلى جانب المملكة العربية السعودية والمغرب، عضوي لجنة الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، تُشكل السنغال جسرًا بين أفريقيا والعالم العربي. وتتشاطر المملكة العربية السعودية، التي ستشارك فرنسا في رعاية مؤتمر للأمم المتحدة أواخر يوليو 2025، هدف حل الدولتين. كما يظل المغرب ملتزمًا التزامًا قويًا بهذا المسار نفسه من خلال لجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، والتي تضم السنغال أيضًا، وتتيح المبادرة الفرنسية الأخيرة، بقيادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للسنغال فرصة لتحفيز التوافق الدولي من خلال حشد دول أفريقية أخرى، مثل الجزائر وجنوب أفريقيا.
مع اعتراف 142 دولة بفلسطين، وهو ما يمثل ثلاثة أرباع أعضاء الأمم المتحدة، فإن هذه العملية لا يمكن العدول عنها، على الرغم من الفيتو الذي وضعته أمريكا رافضةً قبول فلسطين الكامل في الأمم المتحدة في عام 2024. وتمتلك السنغال، من خلال رئاستها المستمرة للجنة الأمم المتحدة ونفوذها الدبلوماسي، الوسائل السياسية والشبكات الفعالة لتضخيم هذا الزخم. ومن خلال تجسيد صوت العدالة والتضامن الدولي بشكل مستمر منذ استقلالها، فإن السنغال لا تتبع التاريخ فحسب، بل إنها تشكله، وتؤكد على الزعامة الأخلاقية والسياسية والدبلوماسية الأساسية من أجل تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
#دكارنيوز