بحضور الشيخ معاذ.. الطريقة القادرية البودشيشية تُحيي أربعينية الشيخ جمال الدين
مداغ – في لحظة امتزج فيها الحنين بالسكينة، والعرفان بالولاء، احتضنت الزاوية القادرية البودشيشية ببلدة مداغ، شمال شرق المغرب، يوم السبت 20 شتنبر، مجلسًا روحانيًا بهيًّا، إحياءً للذكرى الأربعينية لرحيل العارف بالله، الشيخ جمال الدين القادري، أحد الأعلام الذين حملوا مشعل النور في دروب السالكين.
وقد تميز هذا اللقاء الروحي العميق بحضور شيخ الزاوية الحالي، سيدي معاذ القادري بودشيش، الذي أطلّ على مريديه ببصيرة الواصلين، ونبرةٍ امتزجت فيها الهيبة بالحنوّ، مؤكدًا أن الطريق باقٍ ما بقي الذكر، وأن السير إلى الله لا ينقطع برحيل الأجساد، ما دامت الأرواح مشدودة إلى السماء بحبال المحبة والصفاء.
أكثر من ألفي قلب نابض بالشوق وفدوا من أرجاء المغرب، ومن وراء البحار، يحدوهم الحنين ويقودهم العهد، فجلسوا تحت سقف الذكر وتلاوة القرآن، وانسكبت أرواحهم بين دفتي الصلاة على الحبيب ﷺ، حتى بدا أن الزمن توقف لحظة، وأن الأرض اتسعت لسماء الرحمة.
لم يكن الحضور مغربيًّا فحسب، بل تخطّت أصداء الذكر الحدود، لتحمل في طياتها ألوانًا من المحبة القادمة من أوروبا وإفريقيا، حيث استجابت الأرواح لنداء الحق، مجسدة البُعد الكوني للطريقة القادرية البودشيشية، ورسالتها التي لا تعرف جغرافيا ولا لغة، بل تخاطب جوهر الإنسان في كل مكان.
وعادت إلى الزاوية، في هذا المجلس، وجوه روحية بارزة من المقدمين والمحبين، ممن غيّبتهم المسافات أو المشاغل، فعادوا ليجددوا العهد، ويذوقوا مرة أخرى حلاوة الوصل، وتلك الروح الجماعية التي لا تنفصم، مهما تناءت الأجساد.
وفي لحظة امتنان ووفاء، قُدمت شهادات من مريدين مغاربة وأجانب، استعرضوا فيها مناقب الشيخ الراحل جمال الدين القادري، ذاكرين تواضعه، حكمته، ولين جانبه، مؤكدين أن خلفه، الشيخ معاذ القادري، يسير على النهج ذاته، بذات النور الذي تسلّمه من يدي والده وجده، الشيخين حمزة وجمال الدين، في سلسلة متصلة من الإشراق.
ولم يكن التنظيم دون مستوى المناسبة، بل جاء محكمًا، هادئًا، ينضح بالوقار، ليعكس صورة الزاوية وهي تستعيد ألقها، وتُطل من جديد على المشهد الروحي المغربي والدولي، بقيادة شاب جمع بين نور المشيخة وروح العصر، حافظًا على الأمانة، مستكملاً المسير، تحت راية الذكر، والمحبة، والسلام.