احتفلت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في السنغال باليوم الوطني الـ54 لدولة الإمارات في حفل مهيب نظمته بقاعة أدرآنا بفندق ملك الفهد في دكار، بحضور معالي وزير الداخلية والأمن العام في السنغال السيد محمد بامبا سيسي ممثلاً للحكومة السنغالية، وسعادة السفير الإماراتي لدى دكار سعيد حمدان النقبي، إلى جانب كوكبة من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في البلاد ورؤساء المنظمات الدولية والشخصيات الوطنية المرموقة.

وقد شكّل هذا الاحتفال مناسبة لاستعراض العلاقات الثنائية المتينة بين البلدين، وتسليط الضوء على مسيرة الإمارات التنموية، والمشاريع التي نفذتها داخل السنغال في إطار التعاون الثنائي المتنامي، والتي شملت بناء المساجد والآبار ومحطات المياه، وإنشاء المدارس والمستشفيات والمراكز التعليمية، ومعاهد التدريب والتكوين المهني، إضافة إلى المشاريع الاستثمارية في قطاعات البناء والعقارات، وشركات النقل الإماراتية العاملة في السوق السنغالي، ومشروع إنشاء ميناء ناديان، ومشاريع الطاقة في منطقة تياس.
بدأ البرنامج بعزف النشيدين الوطنيين للبلدين، ثم تقديم عروض مرئية تلخص جهود دولة الإمارات في دعم التنمية بالسنغال. عقب ذلك، ألقى سعادة السفير الإماراتي سعيد حمدان النقبي الكلمة الرسمية بمناسبة عيد الاتحاد الرابع والخمسين، موجّهًا في مستهلها تحية ترحيب وتقدير لمعالي الوزير محمد بامبا سيسي، ولعميد السلك الدبلوماسي، ولأصحاب السعادة السفراء ورؤساء المنظمات الدولية وضيوف الحفل.
وأعرب سعادة السفير عن سعادته بالاحتفال بهذه المناسبة الوطنية العزيزة، مستذكراً يوم الثاني من ديسمبر 1971 الذي شهد الإعلان الرسمي عن قيام دولة الإمارات وانتخاب الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه أول رئيس للدولة.
وأكد أن هذا اليوم يمثل محطة وطنية غالية تُستحضر فيها مسيرة وطنٍ انطلق من رؤية حكيمة وإرادة راسخة، ليصبح نموذجًا عالميًا في البناء والتنمية والتقدم.
وأشار سعادته إلى أن احتفال هذا العام يأتي تحت شعار ”متحدون“ ، تزامنًا مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله عام 2025 “عام المجتمع”، وهو إعلان يجسد رؤية القيادة بأن الإنسان هو محور التنمية وغايتها، وأن تعزيز الوحدة والتعاون والعمل المشترك هو المفتاح لبناء مستقبل مشرق ومستدام للوطن.

و أوضح السفير في كلمته المكانة الدولية التي رسختها دولة الإمارات عام 2025 كوجهة عالمية للأعمال والاستثمار والسياحة، ومركز رائد للابتكار والإبداع، وحاضنة للعقول والمواهب. واستعرض التقدم الذي حققته الدولة في قطاعات الاقتصاد والتنمية المستدامة والصناعات المتقدمة والتكنولوجيا والطاقة النظيفة، وصولًا إلى الفضاء والطاقة النووية والذكاء الاصطناعي، مما جعل الإمارات في طليعة الدول التي تصنع المستقبل. كما أشار إلى حلول الإمارات في المرتبة الثانية عالميًا في عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2025، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، فضلًا عن احتلالها المرتبة الثالثة عالميًا والأولى في الشرق الأوسط في حجم أصول صناديق الثروة السيادية التي بلغت 2.49 تريليون دولار بنهاية النصف الأول من 2025.
وتطرق سعادته إلى السياسة الخارجية المتوازنة لدولة الإمارات القائمة على الحوار والانفتاح والتعاون واحترام القانون الدولي، مؤكدًا أن الإمارات ترى أن السلام والتنمية مساران متلازمان لصنع مستقبل أفضل للشعوب. وفي هذا السياق، رحبت الإمارات باتفاق وقف الحرب في غزة الذي تم التوصل إليه بوساطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على أمل أن يؤدي ذلك إلى إنهاء المعاناة الإنسانية وتحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين. كما أكد سعادته أن الإمارات كانت أكبر مانح للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة بنسبة بلغت 44% من إجمالي المساعدات الدولية. وبشأن السودان، أدانت الإمارات بشدة الانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها طرفا الصراع، ودعت إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، مع دعم الجهود الدولية والمساعي السعودية لإنهاء الحرب.
وسلط السفير الضوء على قيم التسامح والتعايش التي تعد ركيزة أساسية في المجتمع الإماراتي، مستعرضًا مبادرات رائدة مثل بيت العائلة الإبراهيمية الذي يجمع مسجدًا وكنيسة وكنيسًا في رسالة عالمية للتعايش والاحترام المتبادل. وأكد أن الإمارات تحتضن أكثر من مئتي جنسية تعيش في وئام، مما يعكس نموذجًا عالميًا للتسامح والسلام.
ووجّه سعادته كلمة خاصة لمعالي وزير الداخلية السنغالي، مشيدًا بالعلاقات الثنائية التاريخية التي تربط البلدين منذ 52 عامًا، وبالتطور الملحوظ في التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي، مشيرًا إلى وجود 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم نافذة تغطي مختلف المجالات، والاستعداد لعقد الدورة الثالثة للجنة المشتركة في الربع الأول من عام 2026. وأكد أن البلدين يعملان بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وفخامة الرئيس بشير جوماي جاخار فاي على بناء شراكة استراتيجية تخدم مصالح الشعبين.
كما استعرض السفير المشاريع الإماراتية الداعمة لأولويات “السنغال 2050”، ومنها اتفاقية الطاقة الشمسية بقيمة 300 مليون يورو بين شركة شمسية دبي ووزارة الزراعة السنغالية، ومبادرات شركة ألف للتعليم في تحديث المدارس القرآنية، إضافة إلى دعم الإمارات للسنغال في مكافحة الأمراض المدارية مثل داء الفيلاريات اللمفية والعمى النهري. وتطرق كذلك إلى مبادرة “الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية” بقيمة مليار دولار، التي أطلقتها الإمارات خلال قمة العشرين لدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، بما يمثل فرصة كبيرة للسنغال ضمن برنامج NEW DEAL TECHNOLOGY.
وفي ختام كلمته، أعرب السفير عن تقديره لمعالي وزير الداخلية وللحضور الكريم، متمنيًا دوام السلام والازدهار للبلدين، واختتم بقوله: “جرجف”.
عقب ذلك، قدّم معالي وزير الداخلية والأمن العام في السنغال السيد محمد بامبا سيسي كلمته الرسمية، حيث عبّر عن سعادته بالمشاركة في الاحتفال، ووجّه تهانيه لدولة الإمارات قيادةً وشعبًا. وأكد أن العلاقات السنغالية الإماراتية علاقات تاريخية قائمة على الاحترام المتبادل والشراكة البنّاءة. وأشاد معاليه بالمشاريع التنموية الإماراتية التي ساهمت في دعم جهود السنغال في قطاعات التعليم والصحة والطاقة والبنية التحتية والزراعة والنقل. وأكد أن الحكومة السنغالية تقدّر دعم الإمارات المتواصل لأولويات “السنغال 2050”، وتتطلع إلى تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والتحول الرقمي والطاقة المتجددة والتعليم والاستثمار.
كما ثمّن معاليه الدور الإنساني للإمارات في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة، وخصوصًا جهودها في غزة والسودان ودول الساحل. وختم كلمته بتأكيد التزام السنغال بتعميق الشراكة الاستراتيجية مع دولة الإمارات، وحرصها على فتح آفاق جديدة للتعاون بما يخدم مصالح الشعبين.