لماذا يكون الكوكي شخصية مثيرة للجدل؟

0

يعد محمد المصطفى جوب الكوكي صاحب كتاب العمدة المتصوف الفيلسوف من أكثر الشخصيات المريدية إثارة للجدل، ليس فقط في أوساط المثقفين لكن أيضا في قمة الهرم البنيوي للتشكيل التنظيمي للطريقة وربما تسهم عدة عوامل مشتركة في جعل الكوكي شخصية مثيرة للجدل ويمكن حصرها في التالي:
1- طبيعة الشخص الثورية:
إن الشيخ المصطفى الكوكي رجل ثوري بالطبع فمنذ أيامه الأولى في المدرسة القرآنية كان له رؤية مختلفة لكثير من أقرانه، فلم يكن يشاركهم في كثير من الأعمال الصبيانية ،كما أنه كان يفضل أن يجالس هؤلاء الكبار الذين تذوقوا التصوف الصحيح من منبعه الصافي، مما جعله وهو في مرحلة التكوبن الأساسي يستسرق السمع من أحاديثهم المليئة بإيحاءات ربانية ورموز صوفية صادقة وشحنات كهروقدسية, وكان حال هؤلاء القوم تجذبه إلىهم وتشوف نفسه إلى اكتشاف عالهم الرباني والشرب من كؤوس القوم، وقبل هذا وبعده علاقته بوالده العارف بالله الواقف على حدوده، الراعي لحقوقه، الفاني في حب النبي محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وخير خديمه، وفي حب مخدومه، فإن كل هذه الأمور شكلت طبعه وهو في سن التزود في أن يكون له موقف مغاير لما عليه العامة من أقرانه.
٢-طبيعة تكوينه العلمي:
يعد الشيخ المصطفى من الشخصيات النادرين الذين جمعوا بين دراسة الفلسفة وأصول الدين بجانب الحرص على الوقوف على فنون المعرفة الأخرى التي لها علاقة بطبيعة بحوثهم الفلسفية والتصوفية، فكان يراجع مقررات كليات الأخرى بجانب مقرراته، وقد ساعده هذا الانفتاح المبكر على ضروب المعرفة المتنوعة حسا نقديا قلما يجتمع في من لا ينظر إلا من زاوية واحدة. فالشيخ المصطفى جوب الكوكي شخصية علمية متميزة بقوة طرحه وأصالة فكره، فهو لا يمكن له ـــ نظرا لهذا التكوبن العلمي الراسخ والمتعمق من أن يصبح نسخة لغيره نتيجة طبيعة شخصيته. وكذلك مسواره في تكوينه العلمي.
0- منهجه في البحث عن المعرفة واليقين:
فنظرا لتربية الكوكي الصوفية وتكوينه الأكاديمي أصبح شخصية علمية متميزة في طريق بحثه عن المعرفة وفي أسلوب طرحه الفكري، وقد اتخذ لنفسه “التحقيق المنهجي” أداة للوصول إلى المعرفة اليقينية في عصر يقدس فيه التقليد والعادات، وفي قوم يحجر فيهم التفكير النقدي ويحرم فيهم كل تفكير خارج الصندوق وإن كان الصندوق ضيقا لا يسمح برؤية الأفاق البعيدة.
٤-طبيعة الموضوعات التي يطرحها في الساحة:
الشيخ المصطفى الكوكي يريد من المريد ومن المريدية الرجوع ألى منبعه الصافي المشرب بعيدا عن كلما من شأنه أن يحول دون أن يكون المريد مريدا لغير ربه عبر تحقيق التوحيد العرفاني المتمثل في معرفته الله سبجانه وتعالى ليتمكن المريد من غلبة نفسه وهواه وإسكان توجيد. في قلبه وبذلك لا يكون غرضا لتحقيق أي مصالح دموية في عصر يطغى على الزعامة الدينية مظاهر المادية الدنوية العاجلة والتي تقف في اتجاه المعاكس مع تعاليم الشيخ الخديم إذ الدنيا عند ه مطية للآخرة أخذت من دنياه نادي الجنان وانقاد لي الهوى ولي صفا الجنان فدعاه الكوكي إلى ضرورة تصفية الجنان من أدران الهوى وأطماع الدنيا في مجتمع يتخذ البعض منه الدين مطية للكسب المادي ولتحقيق المكانة الاجتماعية المرموقة، وهذا لن يتأتى إذا وعي العامة أن الهدف الأسمى وجوده هو تحقيق العبودية الخالصة لله وحده دون غيره، وأن الزعاعة الروحية لا معنى لها إن لم يكن قادرا على تخليص الأرواح من العلائق والعوائق التي تكبل سيره ألى الله تعالى مصداقا لقوله ففروا إلى الله.
5ـ الجرأة في الطرح:
لقد ساهمت عوامل التربية والتكوين الأكايديمي للكوكي ومنهجه في البحث إلى جعله مفكرا عملاقا لا يتصنع ولا يهادن ولا يجامل فيما يرى أنه هو الصواب فيجهر بما يراه واضحا صريجا في مجتمع معروف بالدبلوماسية الكلامية وبتنميق الأحاديث وحب المجاملة وبالنفاق الاجتماعي

بقلم المفتش التربوي: علي سار

دكارنيوز

Leave A Reply