بقلم / الأستاذ الدكتور محمد المختار جي
دكتور في الحضارة الإسلامية ؛ رئيس الجامعة الإسلامية بمنيوستا الأميركية فرع السنغال
فالذين يزعمون أن إيران يمكن أن تكون لقمة سائغة للكيان الصهيوني أو أنها يمكن أن تستسلم للخضوع والانبطاح لقوة أخرى فهم يخدعون أنفسهم أو يجهلون عظمة تاريخ هذا البلد الشامخ ، ايران ليست مجرد دولة على الخريطة.
إيران تبقى دولة عريقة ذات حضارة ضاربة في أعماق التاريخ، وهو شعب أبيٌّ لن يتردد يومًا في الوقوف بشموخ في وجه العدو الصهيوني و قِوى الاستكبار العالمي.
فإيران حضارة عربقة وتليدة بنيت أركانها على الشموخ والعزة والكرامة والأباء، فما شهدت هذه الدولة من حضارات متقدمة إمبراطوريات مزدهرة عبر القرون تدل على قوّتها وعظمتها .
تعتبر حضارة إيران المعروفة بحضارة فرس أو الحضارة الفارسية من أعرق الحضارات التي عرفتها البشرية عبر التاريخ، وتميزت بتراث ثري وأصيل متنوع شمل عدة إمبراطوريات قوبة و متقدمة .
فقبل الميلاد ، برزت في إيران عدة إمبراطوريات مثل الإمبراطورية الأخمينية والإمبراطورية الساسانية وبلغت قوتها وازدهارها في عهد كَسرى وكانت تتربع على عرش الحضارات في العالم في عهدها وتميزت في تطورها وازدهارها في مجال الفن والثقافة والأدب والعلوم .
تميزت حضارة إيران بفسيفسائها الثقافي والحضاري و نسيجها المتجانس من الأعراق و الأديان و اللغات والتعددية الاتنية المتنوعة ،فهي من البلدان ذات التعددية العرقية فيها الفرس والاذريون والعرب والكرد والتركمان و الحيلاك و غيرهم من الأعراق .
أما الفرس فيشكلون النسبة الأعلى .
•العرقية الدينية :

عرفت إيران عدة ديانات قديمة يرجع أصولها قبل الميلاد
ومن أشهر هذه الديانات :
-ديانة الصابئة
-ديانة الزرادشتبة
-ديانة المزدكية
-ديانة المانوية
-الديانة اليهودية
-ديانة الاسلام
وتعتبر الديانة الإسلامية هي الغالبية العظمى من الإيرانيين حيث يشكل المسلمون ٩٩ بالمائة من الشعب الإيراني .
- التعددية اللغوية :
عرفت ايران تعددا لغويا كما عرفت بتعددها العرقي و الاثني ولذلك فإن فيها ما يقارب 75 لغة ولكن أهم اللغات التي يتم تداولها هي :
-اللغة الفارسية وتعد اللغة الرسمية للبلاد .
وذلك بالإضافة إلى حضور اللغة الكردية واللغة العربية واللغة البلوشية واللغة التركمانية .
ولكن في ايران رغم كثرة الديانات و الأعراق واللغات إلا أن المجتمع الإيراني متجانس ومتعايش سلميا منذ أقدم العصور تمارس فيه الأقليات العرقية و الدينية حياتها الطبيعية و عاداتها وطقوسها بكل حرية.
•إسهامات ايران في بناء الحضارة الإسلامية :
عرفت إيران الاسلام منذ القرن السابع الميلادي ، وانتشر فيها بشكل سريع ومتطور كما أسهم الإيرانيون في توسيع الإسلام وحضارته متأثرين ومؤثرين في حضارة الإسلام من إنتاج فنون العلم والمعرفة في مجالات الدين والعلم والأدب والفن .
ففي مجال الدين نجد أن ايران أنجبت علماء الدين كان لهم حظ أوفر في خدمة الإسلام في علم التفسير والحديث والفقه مثل الامام البخاري والأمام مسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي والبيهقي والإمام أبي حنيفة والطبرسي والسجستاني
وهؤلاء كلهم من أصول فارسية .
وفي مجال العلم التطبيقي والرياضيات نجد أن علماء إيران لعبوا دورا أساسيا في تطوير هذه العلوم وتقلها إلى الحضارة الأوروبية وذلك مثل ابن سينا في الطب والخوارزمي في الرياضيات .

ففي مجال اللغة العربية نجد أن معظم علماء اللغة واللسانيات الذين خدموا اللغة العربية وبرزوا فيها هم من أصول فارسية وذلك مثل سيبويه والفبروز أبادي والثعالبي
وفي مجال الأدب والشعر فهناك أدباء كبار كانوا عالميين مثل جلال الدين الرومي وحافظ الشيرازي .
وفي مجال التاريخ والحضارة والفلسفة لمعت أسماء من ايران تفوقوا في هذا المجال وذلك مثل البيروني والغزالي وابن خلكان والزمخشري وغيرهم من كبار العلماء في مختلف ميادين العلم والمعرفة وتركوا بصمات واضحة في الإسلام والحضارة الإسلامية.
وفي الختام، فإن إسهامات إيران في الحضارة الإسلامية ظلت إسهامات كبيرة وضخمة وهي جزء أصيل لا يتجزأ من التراث و النسيج الثقافي الحضاري الإسلامي رغم الاختلافات في السياسة والعقيدة.