مقال : السنغال في تنويع الشراكات والاستفادة من التنافس الاقتصادي الدولي

0

كتب / الدكتور باكري سامب
مدير ومؤسس معهد تمبكتو لدراسات السلام

تقع السنغال على قلب المنافسة الاقتصادية العالمية بفضل استقرارها السياسي وموقعها الجغرافي الاستراتيجي. وتترجم هذه الحقيقة في دعوة الرئيس دونالد ترمب الرئيس بشير جوماي فاي للحضور إلى قمة الولايات المتحدة وأفريقيا المصغرة والمنعقدة في الفترة من 9 إلى 11 يوليو 2025 في واشنطن، وزيارة رئيس الوزراء عثمان سونكو إلى الصين في يونيو 2025.

إن هذه المبادرات التي يقوم بها رئيس الدولة ورئيس وزرائه توفر فرصًا للاستثمار والتبادل الاقتصادي بين السنغال ودول العالم مع ضرورة اتباع مقاربة تحافظ على مصالح بلادنا الاستراتيجية. وقد أبرزت قمة واشنطن الاهتمام الأمريكي بالموارد السنغالية (الغاز والزركون والذهب) والشراكات في مجال الطاقة والطيران. ومع بلوغ حجم التجارة الثنائية 586 مليون دولار في عام 2024 (+48٪ للواردات السنغالية)، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية وينبغي على الدول الأفريقية اغتنام الفرصة.
على سبيل المثال، أعلنت ليبيريا عن إنشاء مكتب للتجارة والاستثمار في فيلادلفيا لتعزيز العلاقات مع الشتات الأفريقي في الولايات المتحدة، وهي مبادرة يمكن للسنغال النظر فيها لتعزيز تجارتها مع الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، عززت زيارة رئيس الوزراء عثمان سونكو إلى بكين، في إطار منتدى دافوس 2025، التعاون مع الصين التي هي أكبر مستثمر في السنغال بـ 1156 مليار فرنك أفريقي منذ عام 2012 مع إنجازها العديد من المشاريع مثل ” طريق إلى طوبى السريع “، و” المنطقة الصناعية في جامنياجو”، والالتزامات الجديدة في مجال الطاقة الشمسية والتكنولوجيا الرقمية.

ويُتيح الانفتاح على العالم العربي، لا سيما من خلال الشراكات مع دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، فرصًا استثمارية عالية في البنية التحتية والزراعة والطاقة المتجددة، مما يُعزز التنوع الاقتصادي، كما أن مواردها الطبيعية واستقرارها ودورها المحوري في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) تجذب أيضًا مختلف دول العالم بما فيها دول الاتحاد الأوروبي التي ترى في السنغال بوابتها إلى أفريقيا، وفرنسا (1.1 مليار يورو في التجارة عام 2023)، وتركيا وغيرها.

وبما أن كل هذه الدول تتنافس في أرض السنغال، يتحتم على دولتنا توجيه الفائدة إلى نفسها بتعظيم استثماراتها في الطاقة والزراعة والتكنولوجيا الرقمية، مع تجنب الاعتماد المفرط على الدول الخارجية. ويُعد تحقيق “رؤية السنغال 2050″، التي تُركز على التحويل المحلي للموارد، أمرًا بالغ الأهمية اليوم لخلق فرص عمل وقيمة مضافة، كما يتضح من الشراكة مع شركة بوينغ لتدريب الفنيين في مجال الطيران.

وفي هذا السياق من التنافس الاقتصادي والدبلوماسي، يُعد الحفاظ على الاستقرار السياسي أمرًا أساسيًا أيضًا لتعزيز جاذبية الاستثمارات والحفاظ على مناخ أعمال مُلائم للنمو الاقتصادي، وهذا هو الذي دعا إليه رئيس الدولة أثناء خطابه يوم استلامه تقرير الحوار الوطني حول الوضع السياسي في السنغال في يوليو 2025م. ويتطلب الحفاظ على المصالح الاستراتيجية تنشيط دبلوماسية متعددة الأطراف، وقد حققت السنغال بالفعل إنجازات عديدة في هذا المجال، لكنها لا تزال بحاجة إلى تحقيق مزيد من الإنجازات في هذا القطاع المهم لبلدنا.

ومع كل هذه المزايا أو الصعوبات والتحديات في ظل التنافس الدولي في السنغال، يتعين على البلاد تنويع شركائها للتفاوض على اتفاقيات متوازنة، وتعزيز تنسيقها داخل إيكواس لتحقيق ثقلها في مواجهة القوى الكبرى، كما دعا بعض المراقبين في قمة واشنطن. وينبغي تكثيف التعاون الأمني، لا سيما مع الولايات المتحدة ضد القرصنة البحرية في خليج غينيا، ومكافحة الإرهاب، والتهديدات العابرة للحدود الوطنية، في إطار متجدد قائم على الاحترام وروح المنفعة المتبادلة. ومن خلال لعب ورقة الدبلوماسية الاستشرافية والطموح، يمكن للسنغال، بلا شك، تحويل التنافسات الجيوسياسية، وكذلك المنافسة الاقتصادية العالمية، إلى فرصة للتنمية وجذب استثمارات كبيرة، مما يجعل داكار، التي تُعد بالفعل مركزًا دبلوماسيًا إقليميًا ومركزًا للمصالح الجغرافية الاقتصادية، الأمثل لترسيخ نموذج تعاون رابح للجميع في عالم متعدد الأقطاب.

#المصدر : جريدة_لوسولي_بالعربية

#دكارنيوز

Leave A Reply