زيارة سونكو إلى الإمارات: آفاق جديدة للتعاون والتبادلات الاقتصادية

0

د. بكاري سامب، رئيس ومؤسس المركز الأفريقي لدراسات السلام

تعد زيارة رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إلى الإمارات العربية المتحدة في أوائل سبتمبر 2025 خطوة اقتصادية استراتيجية تهدف إلى تعزيز التبادلات التجارية والاستثمارية ودعم جهود الإصلاح الاقتصادي في السنغال.

خلال هذه الزيارة، التقى سونكو بمسؤولين إماراتيين رفيعي المستوى لمناقشة تعزيز التعاون في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، الطاقة المتجددة، الزراعة، وتطوير الموانئ. تأتي هذه الزيارة في سياق التحديات الاقتصادية التي يواجهها السنغال، حيث تسعى الحكومة إلى إعادة بناء اقتصادها من خلال إصلاحات هيكلية تركز على تحسين الحوكمة، مكافحة الفساد، وجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم القطاعات المنتجة. وفي هذا الإطار، تبرز الإمارات كشريك استراتيجي رئيسي يمكنه المساهمة في تحقيق هذه الأهداف.

يتمتع السنغال بموقع جغرافي متميز على الساحل الأطلسي، مما يجعله بوابة مثالية للأسواق الإقليمية والقارية، خاصة ضمن إطار الاتحاد الاقتصادي لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) والمنطقة التجارية الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA). هذا الموقع، إلى جانب استقراره النسبي، يجعل السنغال فرصة استثمارية واعدة للإمارات العربية المتحدة، التي أدركت الأهمية الاقتصادية للانفتاح على أفريقيا كسوق ناشئة تضم أكثر من مليار نسمة. من خلال “رؤية الإمارات 2031″، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستثمارات الخارجية في قطاعات الابتكار والبنية التحتية، يمكن للإمارات أن تجعل من السنغال رأس جسر لاختراق الأسواق الأفريقية، مستفيدة من قرب السنغال من الأسواق الأوروبية والأمريكية عبر المحيط الأطلسي.

يعكس نهج السنغال في تنويع شراكاته الاقتصادية قرارًا استراتيجيًا مدروسًا يهدف إلى تقليل الاعتماد على الشركاء التقليديين وفتح آفاق جديدة مع قوى اقتصادية صاعدة مثل الإمارات. هذا التنويع يتيح للسنغال استقطاب استثمارات متنوعة في قطاعات حيوية مثل الزراعة الذكية، الطاقة المتجددة، واللوجستيات، مما يدعم جهود التنمية المستدامة. الإمارات، بدورها، لعبت دورًا بارزًا في تطوير البنية التحتية في السنغال، حيث ساهمت شركات إماراتية في مشاريع كبرى مثل مطار بليز جانج الدولي ومشاريع الطاقة الشمسية. إضافة إلى ذلك، برزت الإمارات كشريك رئيسي في تطوير الموانئ السنغالية، حيث دعمت شركات مثل موانئ دبي العالمية (DP World) تحديث ميناء داكار وتطوير ميناء ندايان الجديد. هذه المشاريع عززت قدرة السنغال على استقبال التجارة الدولية، مما يعزز مكانته كمركز لوجستي إقليمي ويسهل تدفق البضائع بين أفريقيا وأسواق العالم.

ومع ذلك، فإن الإمارات مدعوة لتوسيع استثماراتها في السنغال من خلال إشراك بنوكها الكبرى، مثل بنك الإمارات دبي الوطني، وشركاتها العملاقة في قطاعات اللوجستيات، التكنولوجيا، والزراعة. إشراك هذه المؤسسات لن يقتصر على تقديم التمويل، بل سيشمل نقل الخبرات والتكنولوجيا، مما يساعد السنغال على تحقيق أهدافه التنموية. على سبيل المثال، يمكن للشركات الإماراتية المتخصصة في الزراعة الذكية أن تدعم السنغال في تطوير قطاعه الزراعي لزيادة الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي. كما يمكن للاستثمارات في اللوجستيات والموانئ أن تعزز مكانة السنغال كمركز تجاري إقليمي، خاصة مع تزايد أهمية ميناء داكار كمحطة رئيسية للتجارة البحرية في غرب أفريقيا. إضافة إلى ذلك، يمكن للإمارات دعم مشاريع الطاقة المتجددة، مثل محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية وتعزيز الاستدامة

.في الختام، تمثل زيارة عثمان سونكو إلى الإمارات نقطة انطلاق لشراكة اقتصادية طويلة الأمد تفتح آفاقًا جديدة للتعاون والتبادلات بين البلدين. من خلال “رؤية الإمارات 2031″، يمكن للإمارات تعزيز استثماراتها في السنغال، خاصة في تطوير الموانئ والقطاعات المنتجة، مما يجعل السنغال بوابة للأسواق الأفريقية. هذه الشراكة ليست مجرد فرصة للنمو الاقتصادي، بل نموذج للتعاون الجنوبي-جنوبي الناجح، يعزز الازدهار المشترك والتنمية المستدامة.

#دكارنيوز

Leave A Reply