رسالة مؤثرة من الطالب مختار جانج الذي تم العثور على جثته صباح اليوم في غرفته داخل جامعة غاستون برشي.

بعد الإعلان على العثور على جثة طالب في جامعة غاستون برشي بسين لويس في ظروف غامضة ، تداولت على شبكات التواصل الاجتماعي رسالة مؤثرة و مرعبة منسوبة إلى الضحية مختار جانج طالب في مرحلة الماجستير (القانون العام) يحكي فيها عن ظروف قاسية اجتماعية كان يعانيها خلال فترة تواجده في الجامعة ، لكنه يأمل قبل رحيله أن يعبر ذلك ليكون مرتاحا ، ويطلب العفو إلى جميع أفراد أسرته وخصوصا والديه أصدقائه الذين كانوا يعيشون معه خلال فترة تواجده في الجامعة .

قراءنا الأعزاء ، بين أيديكم رسالة مكتوبة باللغة الفرنسية ، أخذ فريق التحرير لموقعنا وقتا طويلا على ترجمته إلى العربية بعد مراجعة شاملة وتدقيق لغوي ؛ نأمل لكم قراءة ممتعة مع انتظار ملاحظاتكم في صفحة التعليقات .

مختار جانج : “ربما سأفارق الحياة عندما تكشفون هذه الرسالة وتقرأونها؛ لقد قررت أن أموت بكرامة بدلاً من أن أعيش في الذل” …

في عام 2020، حصلت على شهادة البكالوريا بتفوق وكنت الأول في المركز ، لكن قبل بضعة أشهر، انتابني مرض خطير وما زال يلاحقني حتى الآن. كنت دائمًا منطويًا حتى أضحى الاندماج الاجتماعي بالنسبة في غاية الصعوبة. خلال تلك الفترة، بدأت أتكيف اجتماعيًا لكن بسبب المرض غرقت في الانعزال من جديد.

على الرغم من كل شيء، قررت الذهاب إلى الجامعة ومواصلة دراستي، وهناك أعيش بين الكلية وغرفتي. وكان البعض ينظرون إلي بطريقة سلبية ( “Ki dafa bonn, dou dem thi nitt yi. Beugoul nitt yi.”) (إنه ليس إنسانا اجتماعيا، لا يحب معاشرة الناس) … يرددون ذلك على مسامعي حتى قررت البقاء في العزلة.

كم كان من السهل عليهم أن يحاولوا فهم وضعي الاجتماعي، لكنهم لم يحاولوا، الأمر الذي دفعني إلى التمادي في العزلة . البعض أذكياء جدًا، لكن كثيرا ما يبدون أغبياء عندما يتعلق الأمر بفهم حالة زملائهم.

في المرة التي حاولت أن أشاطر الآخرين همومي، وجدت أن همومي أصبحت معلنة أمام الملأ، كما لو أنها عرضة للبيع، الأمر الذي جعلني أحتاط، وأخاف من مشاركة الآخرين أحاسيسي .

والنتيجة هي أنني أصبحت حذرًا ولا أجرؤ على الحديث مع الأصدقاء. أمام هذه الحالة، ألجأ إلى الصمت، كما اعتدت منذ أن كنت طفلًا. ومما زادني حزنا أن هناك من يسخرون بفرح دون أن يقدروا عواقب أفعالهم.

ربما حالتي وظروف موتي ستفتح عيون بعض الطلاب وبعض العائلات. لا تعزلوا أحدًا، لا تتجاهلوا أحدًا، لا تسخروا من أحد ولا تنفروا من أحد. اقتربوا من الذين ينعزلون، تحدثوا معهم وحاولوا أن تفهموا حالاتهم دون إصدار حكم تجاهم .(( Boulene bayi ken mouy wét ak ay problemame. Boulène khébale kéne problémame)) (لا تتركوا أي أحد ينطوي على نفسه، ولا تحقروا ما يحسون به من معاناة)

قمت بهذا الفعل كنوع من التضحية لكي تفتحوا أعينكم على الآخرين الذين يعانون. لا تحكموا أبدًا قبل أن تعرفوا القصة كاملة.

بالإضافة إلى ذلك، ما مزقني أكثر يتمثل في تكهناتهم حول مرضي، والقذف والاتهامات الباطلة. لن أذكرها هنا، لأنني أعتقد أنني أكبر من ذلك. إنها حالة دمرتني بعمق. لن أذكر أسماءهم لأنني لا أريد أن يُستهدف أحد.

في النهاية، أشعر بالضيق. هذا الضغط يتشابك مع مرضي، وهما لا يطاقان ويؤلمان قلبي. وحده المرض كان ناعمًا جدًا بالنسبة لي، لكن الأشياء السيئة التي تُقال عني، والتي أنفيها بكل ما أوتيت من قوة، هي موبقة بالنسبة لي. هذه الأكاذيب جعلتني شخصًا آخر. عندما يكرهك الناس الذين لا يعرفونك، فاعلم أن أعداءك بالتأكيد مروا من هنا لتشويه سمعتك. أتمنى أن يكون الذين فعلوا هذا مسكونين براحة الضمير، والأكثر حزنًا هو أن هؤلاء الأشخاص سيكونون أول من يقدم شهادات إيجابية تجاه شخصيتي بعد الفراق .

الألم الجسدي ليس بشيء، لكن الألم النفسي لا يطاق.(( Goor momoul yénn yi)) (نفس الحر لا تقبل الذل) . أنا شخص ذو كرامة كبيرة وأمتلك شعورًا كبيرًا بالشرف. من الأفضل لي أن أموت بكرامة بدلاً من أن أعيش في الذل.

أطلب العفو من والدي ووالدتي. أحبكما كلاكما. أحبكما من كل قلبي ومن كل روحي. لا تنسوني أبدًا في دعائكم.

والدي ((khamnani dinala bétt ndakh )) (أعرف أنني سأفاجئك كثيرا) لقد أظهرت لك دائمًا جانبي المحارب، ولم أظهر لك أبدا مواطن الضعف لدي. أحبك كثيرًا، ولا تلمني على هذا ، أطلب العفو من جديد !

إذا كنت قد تحملت حتى الآن كل هذه الصعوبات ، فهذا من أجل والدتي. ((Sama yaye rek la khamoul nouma kay def.)) (أمي الحنون لا أعرف كيف أقدرها حق قدرها) منذ عام 2011، وهي مشلولة نتيجة لسكتة دماغية . لكن كيف سأصبح لها عونا ونصيرا وأنا مريض ومتعب ومهدم؟ أرفض أن أكون عبئًا إضافيًا.(( Yaye khamnani dina tass sa yakar, wayé dénke nala Yallah. Dénke nala Yallah)) .(أماه، أعرف أنني حطمت أحلامك، لكن أستودعك ربي)

أطلب العفو،من جدتي. لقد كانت تؤمن بي دائمًا، وأنا آسف لأنني خيبت ثقتها وآمالها. كانت دائمًا تتمنى أن أصبح “رئيس الجمهورية”. كانت كل دعواتها من أجلي تهدف إلى ذلك، وهي التي مَوَّلت دراستي منذ الطفولة حتى المرحلة الثانوية. كنت دائمًا أدرس بعزم لتحقيق أمنيتها، لأن هذا أيضًا ما كنت أريد أن أكونه. جدتي أطلب العفو منكِ من جديد !

أطلب العفو من أصدقائي الذين سأختصر أسماءهم: ((PMN، ABF، NMD و MDD. Neubeu nalène samay problèmes ba dém. Balelène ma ak)) كنتم دائمًا هناك من أجلي. لطفكم أثر في نفسي بشكل عميق. أنتم أشخاص جيدون وأصدقاء مخلصون. لا تبكوا على موتي فادعوا لي الرحمة والمغفرة((Nianal lénema))

أطلب العفو،من إخوتي وأخواتي. أعلم أنكم تحبونني كثيرًا، ولكن اعلموا أنني أحبكم بنفس القدر. أتمنى أن تعيشوا بكرامة،وطول العمر واستمتعوا بالحياة، واحترموا والديّ، أختي، صديقتي، BB خدي، أعهد إليك برعاية أمي.

أطلب العفو من جميع الطلاب، والسنغاليين وعموما المسلمين.

لقد أنهيت روايتي بعنوان “هروب المرغوب عنهم”، والتي تتحدث عن الهجرة غير الشرعية. أرسلتها إلى دار النشر Harmattan-Sénégal عبر بريدي الإلكتروني papmatar8@gmail.com. ساعدوني في نشرها، فهي على الأرجح الأثر الوحيد الذي سأتركه على الأرض. أتمنى أن تنفق عائدات هذا الكتاب، للعناية بوالدتي المصابة بالسكتة الدماغية. حتى لو بيعت منه نسخة واحدة فقط،

كتبت هذا النص لأستبق أولئك الذين سيحاولون تشويه سمعتي. أنا لست شخصًا مثاليًا، أعترف، وأرتكب الأخطاء مثل الجميع. لكن طوال حياتي، حاولت دائمًا ألا أؤذي زملائي، وإذا حدث أني فعلت، فأنا أؤكد، أنه ليس عن قصد. كنت دائمًا حريصًا على عدم التحدث بالسوء عن الآخرين. حاولت دائمًا احترام مبادئ ديني، وتخصيص جزء كبير من حياتي لعبادة الله. ومع ذلك، أعتقد أن الأشخاص مثلي، غير القادرين على إيذاء الآخرين، المحبين للعدالة والصادقين، ليس لهم مكان في هذا العالم، لأن هؤلاء الأشخاص في نظر الآخرين دائما هم الوحوش.

أريد أن أموت بسلام، بدون كراهية. لذلك، أسامح الجميع، الذين آذوني عن قصد أو غير قصد. وأطلب العفو من جميع الأشخاص الذين تسببت في إيذائهم.

أفضل طريقة لمساعدتي الآن هي الدعاء لي. لا تقيموا حدادًا، فقط ادعوا لي. أود أن أقبر في مدينة “جيلاني “، إذا كانت هناك مقابر هناك. إذا لم يكن الأمر كذلك، فأترك الأمر لوالدي لاختيار مكان دفني. احفروا لي قبرًا عميقًا. غفر الله لي!

لا تحكموا على فعلي. اتركوا الأمر لله، لأن الله غفور رحيم!

دكارنيوز