مقال / أحداثُ مالي: بدايةُ النهاية للاستعمار الجديد؟

0
457

كتب / شعيب بن حامد لوح

منذ زمن والقارة الإفريقية بغربها تهبُّ فيها عاصفة تُعاكس هِواية فرنسا بالأخص؛ عاصفة تمتزج بها خطابات لها أثرها الفعَّال في نفوس مشتاقة ومشغوفة بالحرية والكفاح والنضال، نفوس تستلهم في حربها قوادا لقَوا حتفهم بسبب مواقفهم المضادة لسياسة فرنسا التي تعتبر نفسها سيدا بيدها زمام بعض الدول الإفريقية ترسم لها سياستها الداخلية والخارجية معا دون أن تكون لها حق النقد والنقض.

لا تخفى تلك العلاقة العتيقة التي تربط فرنسا بإفريقيا والتي صاحبتها أحداث مأساوية من استعمار بل استحمار الإفريقيِّين وإفشال كل مشروع يهدف إلى إيقاظ أبناء القارة، فسجنتْ بعضا ونفتْ قوما وقتلتْ آخرين؛ فأفضل ما يمكن أن توصف بهذه العلاقة أنها نقطة سوداء في جبين تاريخ فرنسا.

من دولة مالي إلى غينيا كوناكري وبوركينا فاسو بلد توماس سانكارا والسنغال، المعادلة واحدة والهدف هو نفسه: الخروج من ربقة المستعمر في ثوبه الجديد، والنهوض بالقارة اعتمادا على أبنائها وثقافتها وتاريخها، ينادي أكثر الشباب من هذه البلاد أن بإمكاننا -وبدون الاعتماد كليا على فرنسا- أن نركب بالدول الأكثر تقدما، فالرب الكريم سخر لنا من أدوات وآليات التطور الكثير الكثير.

من يتتبع ما يحدث منذ أسابيع في مالي الشقيقة -وآخره: طرد سفير فرنسا من البلاد- سيتأكد بأن هذه العلاقة ستتغير لا محالة، وأن فرنسا هي المستفيدة بالدرجة الأولى من تغيير هذه السياسة القذرة، نظرا لما لشركاتها وأبنائها من حضور مكثف في مالي وغرب إفريقيا عموما، تعلم فرنسا يقينا أن الأيام دارتْ عليها، وأن الخاسر من هذه الحرب هي نفسها، علما بأن الوعي تعمَّق في نفوس كثير من شباب إفريقيا، وبات من الواضح أنه لا يبقى لها من أنصار إلا قليلا ممن يُوشك أن يسقط نظامهم.

في زمن العولمة وطغيان التكنولوجيا والثورة المعلوماتية وانفلات الرقابة على الأشخاص يصبح الاستعمار الجديد في طريقه إلى الخراب والنهاية.

والأعجب في الأمر أن سياسة التوعية والنداء إلى التحرر لم تعد تقتصر على الساسة التقليديين فحسب، لكن اندمج فيها الأئمة ورجال الدين ممن كانت كلمتهم محصورة فوق المنابر، وكذلك النقابات والمجتمع المدني، وهم في ذلك يساهمون مساهمة فعالة في كل ما من شأنه أن يُفضي إلى مراجعة هذه العلاقة، حتى يقرر الأفارقة مصيرهم دون تدخل أجنبي.

هذا، قد تكون لدى الأغلب من الناس تخوفات وتحفظات من هذه المحاولات من بعض الدول خصوصا مالي، وذلك في الحقيقة أمر طبيعي إلا أن بصيصَ الأمل والتفاؤل ما زالا راسخيْن في الأذهان: في أن يوما ما وهو قريب جدا ستقلع فرنسا أنيابها من على إفريقيا، وأنها ستنكف عن نهب ثرواتها، وستُنهي لعبتها عبر تغيير سياستها التي أساسها: الخداع والمكر واللفُّ والدوران والمؤامرة.

فستذكُرون ما أقول لكم…

                   شعيبُ بن حامد لوح
                      2022/02/01م

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici