مقال / الانتخاباتُ المحلية: بُروز نجوم وأفُول أخرى.

0
462

كتب / شعيبُ بن حامد لوح

إذا كان يوم 23 يونيو 2011م يوما مأساويًّا أهريق فيه الدماء لأسباب سياسية تافهة، فقد كان يوم 23 يناير 2022م يوما خِليطا ممزوجا بالمأساة والحُبور، والأتراح والأفراح، مصيبة عند أحزاب وتحالفات، وفائدة لدى أحزاب وتحالفات أخرى؛ فقد دونت صفحات التاريخ السنغالي هذا اليوم في قامُوسها تدوينا لا يمَّحى أبدا.

فقد شهد هذا اليوم نضج الشعب وتمام سيادته، وأنه الوحيد الذي بيده قوة تحديد مصيره ورسم مستقبله عبر انتخاب من يراه مناسبا لإقليمه، كما فنَّد حجة أن المال هو الوسيلة الوحيدة لإحراز فوز في مثل هذه الانتخابات، وأكد هذا الشعب مرة أخرى أن زمن تأثير الإعلام المُرتزق والموجه للرأي العام عفا رسمه، وطمَست معالمُه، حيث أصبحت آليات معرفة الغَثِّ من السمين والخبيث من الطيب بيد هؤلاء المواطنين الأحرار.

انتخب الناخبون على رأس بلدياتهم وجوها جديدة في دنيا السياسة، أشخاص عَلِق الشعب آمالهم عليهم، يتوخَّون بذلك نسيان آلامهم وأوجاعهم جراء ويلات الحزب الحاكم وبعض أنصاره الفاسدين، انتخبوهم ولسان حالهم ومقالهم يقولان: ها نحن سلمنا لكم مقاليد الحكم، وأعطيناكم فرصة الخدمة لهذا الشعب الذي أصبح عجوزا تمكنتْ منها الأمراض، وسيطرت عليها العلل حتى يخشى له الهلاك إن لم تتداركها العناية الإلهية، بواسطة حُكام راحمين متَحرين لمصالح العباد ومُتَّقين الله في الرعية.

فتلكم النجوم التي آمال الشعب عليهم كبير، وفي المقابل فإن الناخبين لقنوا درسا قاسيا لتحالف الحزب الحاكم بعزل بعض أنصاره من على رأس البلديات، ذلكم الأنصار الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، ونشروا بين الناس النفاق والكذب والخداع، وتبنوا قاعدة: “الغاية تُبرر الوسيلة”، أسرفوا في إنفاق المال العام قصد شراء الذمم وظنوا بذلك أن الانتخاب أصبح لهم، ووجدوا أنفسهم في المساء قد انقلب السحر على الساحر، وأبطل الشعب مساعيهم وردوا كيدهم في نحورهم، قُبروا فرادى ليلاً مع الدعاء عليهم.

لم يعد خفيًّا على اثنين أن هذا الشعب الذي أغلبه شباب، واعون ومثقَّفون يتأثَّرون ويؤثرون، مطلعون على مجريات الأحداث الدولية والإقليمية، في نفوسهم طموحات وتطلعات لا يحققها هؤلاء السياسيين التقليديين قاصري النظر محدودي الفكر، أقصى غاية أحدهم الوصول إلى السلطة ثم توزيع الحلوى لا يراقب أنصاره الفاسدين، بل يقرب الانتهازيِّين والناهبين والماكرين، ويقصي المُخلصين الناصحين الآمنين.